قالت مصادر محلية بنواكشوط الشمالية إن الحملة التى أطلقتها الحكومة من أجل إعادة تأهيل الأحياء العشوائية بالمنطقة خلال الأيام الأخيرة كشفت عن فضائح جديدة بقطاع الإسكان، يعتقد أن كبار الفاعلين فى هيئة التنمية الحضرية (لادى) يقفون خلفها، وإن حالة من الصدمة تجتاح المرحلين إلى المجهول.
وتقول المصادر إن القطع التى تم تخصيصها للسكان من قبل الوزارة الوصية تم التلاعب بها من قبل أربعة من كبار الفاعلين فى "لادى" خلال السنوات الثلاثة الأخيرة التى تعطل فيها المشروع بشكل فعلى، وتحولت أغلب القطع الأرضية المخصصة للفقراء المرحلين إلى "خبز" يومى للخلية الأكثر حضورا بالمشهد من خلال انتقاء القطع الأرضية الثمينة ومنحها لبعض المقربين أو الأصدقاء أو بيعها بأسعار وصلت مليون و500 ألف أوقية فى بعض المناطق، بل إن بعضها ضاع فى قضايا جد معقدة من الناحية الأخلاقية كما يقول المصدر.
وقد بدأت جرافات التنمية الحضرية بدعم من قوات الحرس والسلطات الإدارية فى هدم بيوت المرحلين إلى مناطق الإيواء الجديدة فى عدة مناطق من مقاطعة توجنين، لكن البعض أصطدم بعقبة اختفاء القطع الأرضية الممنوحة له أصلا ضمن المخطط أو غياب أي منطقة يمكن نقل الأسر الجديدة إليها ، كما أن البعض ضاعت حقوقه وتم تشريده بفعل انتظاره حسم الخلاف حول القطع الأرضية الأصلية المتنازع عليها، أو وجوده ضمن ساحات عمومية كان يعتقد أنها قد تتغير بفعل الضغوط (كما يقول له بعض وكلاء لادى)، أو انتظاره لوعود زائفة من العاملين فى "لادى" من أجل الترحيل إلى مناطق إيواء جديدة تكون أفضل من حيث الموقع والتموقع مقابل تفاهمات غير مكتوبة بالمرة.
كما تعرض البعض لعمليات خداع معقدة من خلال ازدواجية المنح، حيث ساهم تقسيم الملف إلى خلايا (خلية للتأهيل وأخرى للترحيل) فى تعقيد ملف الأحياء العشوائية، حيث يمنح البعض القطع الأرضية لأسرة مرحلة بينما يقوم الآخر بمنحها لأسرة أخرى على أساس أنها مؤهلة فى المنطقة ، مع حماية كل رئيس خلية للآخر عبر تبادل منافع أنتشر فى الفترة الأخيرة.
وقد أحتج بعض الضحايا أمام السلطات الإدارية، لكنها خرجت من الملف بدعوى أن الملف برمته من اختصاص "لادى"، بينما يقول وكلاء الأخيرة إن سياسية الرئيس قلصت هامش الحركة من خلال منح أغلب القطع الأرضية فى الترحيل لبعض المشردين من تفرغ زينه فى إشارة إلى مرحلى "كزرة بوعماتو" قبل أشهر.
وقد غابت وزيرة الإسكان والطواقم المعاونة لها عن انطلاق العملية الجديدة أو متابعتها ، بينما تمترس أغلب المكلفين بالملف خلف مكاتب يحرسها عناصر الحرس دون حسم المشاكل المستجدة، وسط مخاوف من ثورة مشردين باتت على الأبواب بفعل حراك الجرافات داخل المنطقة وغياب أي خيار أمام المشردين.
وكانت العملية التى أطلقها الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز سنة 2009 شكلت فاتحة أمل للآلاف من المحرومين داخل العاصمة نواكشوط بعد عقود من الانتظار، لكنها تحولت فى الفترة الأخيرة إلى فرصة لأصحاب النفوذ داخل الوكالة المكلفة بالملف من أجل الإثراء على حساب الغير.
وقد فشلت الحكومة خلال الفترة الأخيرة فى إجراء أي تغيير داخل الوكالة التى تمكن أصغر العاملين فيها من بناء شبكة من العلاقات الإجتماعية كافية لمنحه من الحصانة مايريد، بينما لايزال الملف يراوح مكانه بعد 7 سنوات من إطلاق العملية داخل العاصمة نواكشوط.
وكانت الحكومة قد تمكنت من حل إشكال الأحياء العشوائية فى نواذيبو وروصو وأزويرات بسلاسة عبر منح الأرض لمستحقيها وحرمان الغير، لكن ضعف المكلفين بالملف فى العاصمة نواكشوط وانتعاش تجارة القطع الأرضية حول الملف إلى شركة مساهمة بين كبار وصغار الموظفين فى المشروع الذى أنتهى إلى ألم دائم للآلاف من الأسر بعد أن كان أملا ينتظره الجميع.
زهرة شنقيط