شهدت الدبلوماسية الموريتانية خلال السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا من حيث تكثيف الأنشطة وتحسين جودة الأداء، مما يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة البلاد إقليميًا ودوليًا.
وبالرغم من ذلك، تواجه هذه الجهود تحديات ليست فقط خارجية، بل داخلية أيضًا، حيث برزت أصوات متربصة تحاول التقليل من الإنجازات وتشويه سمعة العمل الدبلوماسي من الداخل، مما يُظهر خيبة وقصورًا في فهم أهمية هذا القطاع الحيوي.
وقد شهدت موريتانيا تكثيفًا ملحوظًا في أنشطتها الدبلوماسية على المستويات الإقليمية والدولية؛ حيث ساهمت مشاركتها الفعالة في الملفات الكبرى مثل مكافحة الإرهاب في الساحل، والهجرة غير النظامية، والتغير المناخي، في تعزيز موقعها كشريك استراتيجي للدول الكبرى.
كما لعبت دورًا محوريًا في القمم الإفريقية والعربية، مما أظهر نضجًا في الرؤية واستقلالية في القرار السياسي.
وقد اتبعت موريتانيا سياسة توازن دقيقة في علاقاتها الخارجية، حيث حرصت على تعزيز علاقاتها مع مختلف القوى الدولية مثل الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، والدول الخليجية، مع الحفاظ على علاقات جيدة ومتوازنة مع الجوار الإفريقي والعربي، هذه السياسة أكسبتها احترامًا دوليًا وساهمت في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية ملموسة.
هذا ولم تقتصر الدبلوماسية الموريتانية على العمل السياسي فقط، بل ركزت أيضًا على تحسين الخدمات القنصلية للمغتربين الموريتانيين، مما عكس اهتمامًا خاصًا برعاية المواطنين في الخارج، كما تم تحسين أداء السفارات والقنصليات، مما عزز ثقة الجاليات في المؤسسات الدبلوماسية.
وقد شهدت الفترة الأخيرة إصلاحات هيكلية داخل وزارة الخارجية لتحسين كفاءة العمل، شملت هذه الإصلاحات تعزيز التنسيق بين مختلف الهيئات الدبلوماسية، وتحديث آليات العمل بما يتماشى مع متطلبات العصر.
وأظهرت الدبلوماسية الموريتانية كذلك مرونة وقدرة على الاستجابة السريعة للأزمات، مثل القضايا الحدودية والنزاعات الإقليمية، كما لعبت دورًا مهمًا في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء في الأزمات الإفريقية.
وعلى الرغم من التحسن الملحوظ في أداء الدبلوماسية الموريتانية، إلا أن هناك أطرافًا من الداخل تسعى لتقويض هذه الجهود، وهؤلاء المتربصون غالبًا ما يفتقرون إلى فهم أهمية العمل الدبلوماسي في تحقيق المصالح الوطنية، فهم يرون في كل نجاح دبلوماسي تهديدًا لمصالحهم أو نفوذهم الشخصي
ويعتمد المتربصون على نشر الشائعات والتشكيك في الإنجازات التي تحققت على الساحة الدولية، ومع أن هذه السلوكيات لا تخدم سوى إضعاف صورة البلاد أمام العالم وتعرقل الجهود المبذولة لتعزيز مكانتها، فقد ظلت مسلسلا من ممارساتهم اليومية.
وبدلًا من دعم العمل الدبلوماسي الذي ينعكس بشكل عام على مصلحة البلاد، يفضل البعض التركيز على انتقاد التفاصيل الصغيرة أو تضخيم الأخطاء، وهذا القصور في الدعم يضعف الجهود الرامية إلى تعزيز المصالح الوطنية في الخارج.
إن الدبلوماسية الموريتانية هي واجهة البلاد أمام العالم، والنجاحات التي حققتها ليست مجرد صدفة، بل نتيجة جهود مكثفة ورؤية واضحة، ومع ذلك، فإن مواجهة التحديات الداخلية المتمثلة في التربص والتشكيك تظل أمرًا ضروريًا لتعزيز هذه المكتسبات، فمتى يدرك المتربصون أن دعم الدبلوماسية الوطنية هو استثمار في مستقبل موريتانيا ومكانتها على الساحة الدولية..؟
الشيخ سيد محمد محمد المهدي بوجرانه