طالعت في بعض المواقع الإلكترونية وعبر وسائط التواصل الاجتماعي ما يمكن وصفه بحملة "دعائية" ضد وزير الخارجية، محمد سالم ولد مرزوق. وتساءلت، في نفسي، عن الدوافع الحقيقية لهذه الحملة التي تتهاوى حجج أصحابها أمام أي تحليل منطقي لوضعنا الدبلوماسي أو لأداء الرجل، منذ توليه حقيبة العلاقات الخارجية للبلد؟
فقد استعادت بلادنا - بعد سنوات قليلة - رئاسة أكبر محفل دولي في القارة الإفريقية، وهو الاتحاد الإفريقي الذي يتجاوز عدد أعضائه خمسين دولة. وتميزت السنوات الأخيرة بحضور مؤثر لبلادنا في مختلف المنظمات العربية والإفريقية وفي معظم المنتديات العالمية. كما تمكنت من مواصلة تمسكها بحيادها النشط في بعض الملفات الخلافية في المنطقة كقضية الصحراء، وحافظت دبلوماسيتنا على خطوط تواصل دائمة مع بلدان الجوار، رغم ما شهدته منطقة الساحل من اضطرابات وتدخلات!
وإذا كانت دبلوماسية أي بلد هي انعكاس لسمعته وعلاقات رئيسه مع قادة العالم، فهي أيضا صدى لسياسات حكومة البلد بكاملها وثمرة لنشاطه الدبلوماسي.
ولا بد، من باب الإنصاف، أن نعترف للقائمين على وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، وفي مقدمتهم الوزير، بدورهم في تنسيق العمل الدبلوماسي وتنظيم المشاركات في مختلف المحافل واتخاذ المبادرات في وقتها.
أفهم أن تنصب سهام النقد على القطاعات الخدمية، مهما بذل القائمون عليها من جهد وحققوا من نتائج، وذلك بسبب الانتظارات الكثيرة للمواطنين. بيد أن الحملة على وزير الخارجية غير مفهومة في ظل وضع دبلوماسي صحي بالمقاييس المعروفة!
لقد اتخذت هذه الحملة صبغة شخصية أبعدتها عن الموضوعية وجردتها من المنطق بعد استبعاد المعايير المهنية المرتبطة بالأداء والإنجاز.
أما التقاعد عن العمل، فهو موعد لا مفر منه لمن قدر الله له أن يعيش سالما حتى يبلغه. لكن متى كان "التعيين" في منصب وزير مرتبطا بصفة موظف في الوظيفة العمومية أو بعمر معين؟
ألا يعتبر منصب "وزير" وظيفة سياسية بامتياز؟
ألا يدخل التعيين في هذا المنصب ضمن الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية؟
ألم تعرف بلادنا، في ظل الحكومات المتعاقبة، تشكيلات وزارية من بينها أعضاء سبق أن تمت إحالتهم إلى التقاعد؟
ولأن رواد الحملة الحالية ضد ولد مرزوق يعتبرون أنفسهم مقربين من بعض الجهات الرسمية، فإنني أنصحهم بالكف عن تشويه بعض أعضاء الحكومة والعمل، بدلا من ذلك، على دعم وتثمين عمل الفريق وحصيلة الفريق وإنجازات الفريق (الحكومي طبعا)، ليتركوا لأقلام المعارضة وألسنة الخصوم مساحة عملهم المعهود.
يتواصل..
الشيخ سيد محمد محمد المهدي بوجرانه