محمد محمود ولد سيد يحيى
نشرت محكمة الحسابات الموقرة تقريرا عن 3 سنوات من تسيير العبد الفقير لوزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة، وأوردت المحكمة بصيغة تمريضية ردودنا المشفوعة بالوثائق معتبرة أنها مبررات غير كافية..
ولا شك أن للمحكمة الموقرة كامل السلطة في تقديراتها، ولكن لنا معشر من طالتهم هذه الاتهامات حق التوضيح والرد مادامت ساحة الإعلام نقلت تلك الاتهامات إلى الرأي العام، لأن البياض قليل حمل للدنس..
واضح من تقرير المحكمة الموقرة أن الأمين العام آمر بالصرف دون التذكير أنه آمر بالصرف بالنيابة وتحت إشراف الوزير،
ومن هنا فإن كل قرار أو أمر تولى الوزير فيه التوقيع مباشرة فإن المسؤولية فيه تصبح على الآمر بالصرف الأصلي..
ومن هنا يزداد استغرابنا عندما نرى المحكمة الموقرة تعتبر مذكرة لتعيين لجنة فنية بتوقيع الأمين العام أقوى مسؤولية من مقرر وزاري لنفس اللجنة، وهو العجب نفسه عندما ترى أن رأيا فنيا اقترحته لجنة فنية برئاسة الامين العام أقوى مسؤولية من قرار وزير على نفس المقترح، وتسطيره في اتفاقية موقعة مع جهة تمويل معينة..
ركزت المحكمة الموقرة على قصة عيادة الحياة التي حدد مقرر وزاري مشترك بين وزارات الصحة والمالية والتجارة أسعار خدماتها قبل نشأة وزارة الشؤون الاجتماعية، ونسي تقرير المحكمة أن وزارة الشؤون الاجتماعية وقعت اتفاقا مع وزارة الصحة منذ 2017 ينص على أن قطاع الصحة وحده من يملك السلطة الفنية لتوجيه مرضى التصفية للعيادات الخصوصية، لأنه وحده من يستطيع الحكم على قدراتها الفنية، وأن جميع فواتير العيادة المذكورة محولة من قبل وزارة الصحة..
فات على المحكمة الموقرة أن اختيار الصناديق الشعبية للادخار والقرض لتنفيذ الأنشطة المدرة للدخل ذات الطابع الاجتماعي للفئات الهشة، وهو قرار وقعته السيدات الوزيرات، كان لأنها الجهة الأكثر انتشارا في الوطن، كما أن تفضيل التجمع النسوي للقرض والادخار (Gefec)، جاء لأنه معتمد من طرف البنك المركزي، ومن باب التمييز الإيجابي للنساء..
كما فات على رسل المحكمة أن العبد الفقير أرسى برنامجا غير مسبوق في وزارة الشؤون الاجتماعية والأسرة، وجه موارد الحفل السنوي لعيد المرأة بدلا من أن يقتصر على حفلات كرنفالية في نواكشوط إلى قوافل تجوب البلديات الريفية، يرافقها الأخصائيون، وتحمل الأدوية المجانية، وتوزع القروض الميسرة على التعاونيات الريفية، والجوائز النقدية على البنات المتفوقات، شملت هذه القوافل 22 بلدية ريفية في مثلث الفقر (2016)، و19 بلدية ريفية على طول شريط لحدادة (2017)، و15 بلدية ريفية في ضفة النهر (2018)، و14 بلدية ريفية في ولايات الشمال (2019)، وعشرات الجيوب الفقيرة في نواكشوط (2020)..
وتشهد تقارير الولاة والعمد في 60 بلدية ريفية من أفقر البلديات أن آلاف النساء والفتيات والمعوقين استفادوا من هذه القوافل.. ناهيك عن التسيير الشفاف لمليارات الأوقية الموجهة لرفع المرضى، وتسديد فواتير التصفية لمرضى الكلى، والمساعدات الاجتماعية للمعوقين طيلة 8 سنوات..
لم تكلف المحكمة الموقرة نفسها أن ترفع عينها قليلا عن الأوراق وتسأل المستفيدات والمستفيدين من هذه البرامج الاجتماعية الواسعة علها مرة تنظر إلى النتائج..
لقد تم تسريب هذا التقرير قبل سنتين لوسائل الإعلام قبل أن يتم تمكين المعنيين من تقديم ردودهم، وها هو اليوم ينشر محاولا بكل الصور أن يطمس الحقائق الدامغة التي نحن مستعدون للمباهلة على صدقها.
لقد قدمنا للمحكمة الموقرة كافة الوثائق، ونحن نتحمل كامل المسؤولية عن أخطائنا، لأن من لا ينجز لا يخطئ..
ونحمد الله تعالى على أننا طيلة سنوات عملنا حرصنا على إيصال موارد الدولة إلى مستحقيها من المرضى والمعوقين والنساء والأطفال في جميع بقاع هذا الوطن..
وأننا، ولله الحمد، بعد 10 سنوات من التسيير، نعيش في بيت متواضع تم بناؤه بقرض بنكي ما زلنا ندفع أقساطه، في حي شعبي بين المساكين ومعهم..
وإذا كان فخامة رئيس الجمهورية أشار مرة إلى أن تقارير المحكمة الموقرة قد لا تخلو من الخطأ...
فإننا مطمئنون إلى أن عدالة السماء ستنصفنا في يوم الفصل.. في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون..
إلى ديان يوم الدين نمضي *** وعند الله تجتمع الخصوم
مرحبا بمحاربة الفساد..
لا لمحاربة الإنجاز والكفاءة..
والله المستعان على ما تصفون...