في غرفة صغيرة ضمن معرض زراعي خاص بالشباب، في العاصمة الموريتانية نواكشوط، يعرض «محمد محمود سيدينا» أكياس سماد يقول إنه أنتجه من مخلفات النخيل والحيوانات، يقدمه على أنه حل لأزمة الأسمدة التي تضرب العالم.
بدا «محمد محمود» متحمسا وهو يشرح أمام وزير الزراعة كي طور السماد، الذي يعتقد أنه سيغير واقع الزراعة في موريتانيا، ومن شأنه أن يساهم في سد النقص الحاصل في الأسمدة.
ربما تكون مقولة أن «الحاجة أم الاختراع» منطبقة على «محمد محمود»، وهو الذي ترعرع ونشأ في واحات النخيل بولاية آدرار، شمالي موريتانيا، بل إنه يقول إن والدته حنكته بعد ولادته مباشرة بمنقوع التمر، فكبر وهو مؤمن بأن الزراعة هي قدره، لأن «الإنسان ابن بيئته».
توجه «محمد محمود» بعد حصوله على شهادة الباكالوريا، إلى الجزائر حيث درس الهندسة الزراعية، وهناك اكتشف التجربة الجزائرية في تطوير الواحات، وأراد نقلها إلى بلاده.
بعد عودته أدرك أن أكبر مشكلة تعاني منها واحات موريتانيا هي انخفاض مردودية المحاصيل، إذ تنتج النخلة الموريتانية ما بين 25 إلى 30 كيلوغراما من التمور، بينما تقول منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» إن متوسط إنتاج النخلة يجب أن تنتج ما بين 70 و80 كيلوغراما من التمور سنويا.
يقول محمد محمود إن «منتوج النخلة في موريتانيا أقل أربع مرات من المنتوج العالمي»، ويفسر ذلك بالتقنيات المستخدمة في الواحات الموريتانية التي يجب تطويرها، وخاصة الأسمدة.
وجد «محمد محمود» الفرصة مناسبة لإطلاق فكرة مشروعه، حين ضربت جائحة كورونا العالم، ورضت إغلاقا عاما، أدى في النهاية إلى ارتفاع أسعار الأسمدة بل وشحها في الأسواق.
قال محمد محمود في حديث مع «صحراء ميديا» إنه مشروعه لإنتاج الأسمدة الطبيعية سيساعد موريتانيا في سد نقص الأسمدة، التي لا غنى عنها في زراعة الخضروات وواحات النخيل.
لقد تأثرت الزراعة في موريتانيا بأزمة الأسمدة التي تضرب العالم، فلجأت إلى شراء كميات منها مندولة مالي، وحصلت على شحنة أخرى من الجزائر، ولكن ما تزال المخاوف تقض مضجع المزارعين من تداعيات الأزمة على الحملات الزراعية.
إن خطورة أزمة الأسمدة تتمثل في ملامستها للأمن الغذائي، بينما يقول «محمد محمود» إن النقص الحاصل في الأسمدة، وارتفاع الأسعار عالميا إثر تداعيات فيروس كورونا، كانا «عاملين أساسيين» دفعاه إلى الشروع في تطوير السماد الطبيعي.
يضيف أنه «بعد أشهر من العمل والمثابرة والدراسة، توصل إلى إمكانية انتاج الأسمدة من مخلفات واحات النخيل، مع خلطها بمخلفات المواشي»، ويصف لحظة توصله للخلطة بأنها كانت «لحظة هامة في مسيرته المهنية».
وتتكون هذه الأسمدة من مواد عضوية تتضمن «النيترات، والفوسفور، وبوتاسيوم»، ولكنها خلطة طبيعية بالكامل.
أجرى «محمد محمود» عدة تحاليل للسماد في مختبرات دولية، قال إنها «أثبت فعاليته ونجاعته»، قبل أن يجري اختبارات تجريبية للسماد في زراعة الخضار وواحات النخيل بمنطقة آدرار، ويقول إنها كانت «اختبارات ناجحة».
وجه «محمد محمود» رسالة إلى وزارة الزراعة الموريتانية، مدعومة بالبيانات والوثائق حول مشروعه لتطوير سماد موريتاني، فردت عليه الوزارة بأنها «ستتواصل معه في أقرب وقت».
يقول محمد محمود إنه «ما زال ينتظر اتصال الوزارة بفارغ الصبر».
فرح المهندس الزراعي حين سمع أن الحكومة تستعد لاستثمار 5 مليارات أوقية في تمويل مشاريع زراعية، وراوده الأمل بأن يكون مشروعه من ضمن خطط الوزارة، لتطوير قطاع الزراعة.
لدى محمد محمود إيمان قوي بأن موريتانيا تتوفر على إمكانيات زراعية هائلة، أولها مخزون كبير من الماء، وأراضي شاسعة صالحة للزراعة، ولكن ما ينقصهها هو «المدخلات الزراعية» على غرار الأسمدة، بالإضافة إلى نقص «التكوين والإرشاد الزراعي».