تمر اليوم الذكري 98 لميلاد مؤسس أذربيجان الحديثة المستقلة، السياسي المحنك والزعيم القومي للشعب الأذربيجاني حيدر علييف. ولد حيدر علي رضا أوغلو علييف في 10ماي1923 من عائلة عاملة في مدينة نخجيوان العريقة في أذربيجان التي تعتبر بحق الحاضنة التي أنجبت لأذربيجان الأدباء والمفكرين والمعماريين الذين أثروا التاريخ الأذربيجاني بالعلم والمعرفة ومعطيات الحضارة. وقد تخرج من دار المعلمين الابتدائية، وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره التحق بمعهد الصناعة الأذربيجاني بالعاصمة باكو ليصبح معماريا، لكن الحرب العالمية الثانية أبعدته عن المعهد لفترة زمنية من1941 ـ 1964 وقد مثلت هذه الفترة مرحلة صعبة في حياته. تخرج حيدر علييف من كلية التاريخ بجامعة أذربيجان الحكومية إلى جانب حصوله على شهادة التخصص في مجال عمله في جهاز أمن الدولة الأذربيجانية. تم تعيينه في عام 1964 في منصب نائب رئيس لجنة أمن الدولة، وفي عام1967 شغل منصب رئيس لجنة أمن الدولة لدى رئاسة الوزراء في جمهورية أذربيجان. وقد منح رتبة لواء، وشكل ذلك حدثا تاريخيا لكافة أبناء الشعب الأذربيجاني. في يوليو1969 جرى انتخاب حيدر علييف سكرتير أول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني، وقائدا لجمهورية أذربيجان بموجب الأنظمة والقوانين المتبعة في ظل الحكم السوفياتي السابق، وقد استمر في قيادة الجمهورية حتى عام 1982
تولي الزعيم حيدر علييف زمام السلطة في 14 يوليو عام1969 في أذربيجان وهو ما يوصف ببدء تاريخ استقلال البلد وطريقه الباهر والنير. اتسمت الحقبة الأولى من رئاسته البلد ببدء نهضة الإدراك الذاتي الوطني والعودة الى الجذور الأصلية للبلد في نفس الوقت و مشاعر الاعتزاز القومي لدى الشعب. وواجه فخامة حيدر علييف في تلك الحقبة جميع العوائق الفكرية والسياسية ليتقدم بمفهوم التنمية الوطنية للشعب الأذربيجاني، حيث شجع المجتمع على النمو المعنوي والاقتصادي المستقبلي في جميع المجالات، وغرس في كل مواطن في أذربيجان ثقة في أن يحصل هذا الشعب على حريته. ومن أجل الحصول على الاستقلال يجب وجود قاعدة متينة وتنمية اقتصادية، غرس الزعيم في وعي الشعب الأذربيجاني هذا التحول الثوري.
لن ينسى الشعب الأذربيجاني إنجازاته في مجال العمران وبناء المراكز الصناعية العملاقة الحديثة لقد أدرك حيدر علييف أن الاستثمار الحقيقي يكمن في فئات الشباب، فهم قادة المستقبل والثروة الحقيقية لأي أمة، ومن هنا كانت أهم أولوياته تأمين التعليم للشبان والشابات، وتمثل ذلك في إنشاء المعاهد والجامعات المتقدمة في الاتحاد السوفياتي السابق، وقد أصبحوا الآن علماء وأساتذة يساهمون في نهضة بلادهم.
في ديسمبر من عام1982 انتخب حيدر علييف عضوا بالمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي، وعين في منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الاتحاد السوفياتي السابق، وقد شكل ذلك نقلة نوعية كبيرة في تدرجه السياسي، وأصبح يشغل منصبا كبيرا ومهما في الحزب الذي لا يقل عدد أعضائه عن22 مليون شخص. وبعد ذلك تم انتخابه عضوا للقيادة العليا للحزب من بين21 عضوا. لقد شكل انتخاب أول أذربيجاني للمكتب السياسي حدثا هاما في تاريخ الشعب الأذربيجاني.
في 15 يونيو1993 تم انتخاب حيدر علييف رئيسا لبرلمان أذربيجان، وفي24 من نفس الشهر وبقرار من البرلمان بدأ الرئيس حيدر علييف بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية. وفي أكتوبر من نفس العام تم انتخابه رئيسا للجمهورية من خلال الاستفتاء الشعبي العام. ووجه حيدر علييف عوائد البترول الأذربيجاني لإنعاش الحالة الاقتصادية في البلاد، وحل كثيرا من مشكلات البطالة والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، ومن ثم بدأت أذربيجان تدخل عصر النهضة الحديثة حيث تحولـت الى دولة قيادية في المنطقة في كافــة المجالات. وقام حيدر علييف خلال فترة رئاسته لأذربيجان بإنجازات عديدة مثل «عقد القرن» مع الشركات البترولية العالمية حول استخراج البترول، وإنشاء «خط أنابيب البترول باكو ـ تبليسي ـ جيهان» لنقل البترول الأذربيجاني الى البحر الأسود وغيرها من المشاريع العملاقة ذات أهمية إقليمية ودولية. وقد استخدم القائد القومي حيدر علييف علاقاته الشخصية مع قادة الدول الكبرى وثقله في المحافل الدولية لتحقيق هذه الإنجازات.
تم إعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية الثانية التي جرت في 11 أكتوبر عام1998 لفترة رئاسية جديدة. لقد عمل الرئيس حيدر علييف طوال فترة حياته على تعزيز سيادة واستقلال ووحدة أراضي جمهورية أذربيجان، وكان عهده يمثل بحق فترة التغيرات والتحولات الجذرية على طريق بناء الدولة الحديثة وما تم فيها من تغيرات جذرية سواء على صعيد السياسة الداخلية والخارجية ضمن أسس واضحة ومحددة. وبذلك دخلت أذربيجان مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر، وأصبحت دولة فاعلة في المجتمع الدولي. والجدير ذكره، أنه واستمرارا في تعزيز أفكار حيدر علييف الخيرية لصالح الشعب الأذربيجاني وأصدقائه، تم تأسيس مؤسسة حيدر علييف في ذكرى الزعيم الوطني للشعب الأذربيجاني. وترأست المؤسسة نائبة رئيس جمهورية أذربيجان، سفيرة النوايا الحسنة لليونسكو وإيسيسكو السيدة مهريبان علييفا. وتقوم مؤسسة حيدر علييف بتنفيذ وإنجاز العديد من المشاريع الممتدة على نطاق واسع بهدف الحفاظ على القيم الروحية الوطنية وتعزيز الثقافة والحضارة الأذربيجانية ودعم البرامج والأنشطة وضمان تطوير مختلف الميادين.
رحل الزعيم حيدر علييف في12 ديسمبر2003 ، بعد أن وضع أذربيجان على الطريق الصحيح نحو تحقيق آمال الشعب المتمثل في الحرية والرفاهية والتقدم والازدهار، فالإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية الثابتة، والإدارة الفعالة، والسياسة الخارجية النشطة جعلت من أذربيجان قائداً إقليميا وشريكا قويا موثوقا به في العلاقات الدولية. وقد ارتبط تاريخ أذربيجان في العقود الثلاثة الأخيرة و ما شهدته من نهضة في مجال الحياة الاجتماعية، السياسية ، الثقافية والاقتصادية بشخصية حيدر علييف. تبقى الإشارة إلى أن ذكرى الزعيم القومي حيدر علييف لهذه السنة جاءت مقرونة بالانتصار الكبير الذي حققته أذربيجان حيث استرجعت كامل أراضيها بفضل حكمة وتبصر فخامة الرئيس إلهام علييف، وهو انتصار سيبقى موشوما في ذاكرة كل الأذربيجانيين الأبرار. إن إقامة علاقات دبلوماسية بين جمهورية أذربيجان و الجمهورية الإسلامية الموريتانية مكنت من تعزيز وتعميق علاقات الصداقة والتعاون المثمر بين البلدين الشقيقين و في هذا الإطار يندرج التعاون المتواصل بين البلدين الصديقين ضمن انخراط حكومتي البلدين في إعطاء هذه العلاقة الثنائية أبعاد التجسيد الميداني العائد على شعبي البلدين بمزيد من التقارب والتنمية المشتركة، وفي هذ المجال تقدم دولة اذربيجان منحتين دراسيتين ابتداءا من 2020 لصالح مورتانيا وتتكفل بكل النفقات.
إن الانطلاق من أرضية التعارف الإنساني والثقافي لبناء علاقة تعاون متينة بين الدول كثيــرا ما يلقــى مـآلات النجاح وأسباب التوفيق والسداد، لا سيما أن جمهوريــة أذربيجان و الجمهورية الإسلامية الموريتانية تساهمان عن كثب على المستوى العالمي في عملية الحوار البناء بين مختلف الأديــان والثقافــات.