أذربيجان تحتفي بمرور ثمانية قرون على مولد شاعرها ومفكرها "نظامي غنجوي" د. محمد فقيري نائب رئيس جمعية الصداقة المغربية الاذربيجانية

جمعة, 04/23/2021 - 23:06

تحتفل أذربيجان و أغلب دول العالم الإسلامي هذا العام؛ بالذكرى 880 على ميلاد الشاعر والمفكر الاذربيجاني " نظامي غنجوي"؛ إحتفال اكتسى طابعا رسميا حين وقع الرئيس إلهام علييف مرسوما يعلن بموجبه 2021 عاما للشاعر والمفكر "نظامي غنجوي" في جمهورية أذربيجان.

تعد جمهورية أذربيجان جزءاً لا يتجزأ من العالم الإسلامي؛ ونالت الاعتراف والقبول في العالم الإسلامي كبلد يلتزم بالقيم الإسلامية، وتشتهر أذربيجان بالحفاظ على التراث الثقافي الإسلامي الذي انتشر على نطاق واسع في أراضي أذربيجان في القرنين السابع والثامن الميلاديين.

حيث كانت جمهورية أذربيجان على مدى العصور الممتدة إحدى أهم المراكز الحضارية الإسلامية في العالم؛ وأقامت علاقات مثمرة مع العالم الإسلامي أساسها الاحترام وأسس التعاون، وعلى طول العصور، ظلت أذربيجان مكانا تجتمع فيه الديانات والثقافات والحضارات المختلفة؛ وما انفكت تلعب دورا فعالا في حماية قيم التعددية الثقافية والتسامح والقيم الدينية المعنوية وتقوية الحوار بين الديانات والثقافات، والإسهام بدور ملحوظ في تطوير تلك القيم.

ونظامي غنجوي (كنجوي) هو عمود من اعمدة الشعر الأذربيجاني، وشاعر كبير من شعراء الشعر القصصي، وركن من اركان الادب الوصفي الذي تتجلى فيه البراعة والمقدرة الفائقة على استعراض الجزئيات، واضفاء الصور والاستعارات الجميلة عليها.

ولد المفكر والشاعر الأذربيجاني نظامي غنجوي في مدينة غنجة عام 1141 ميلادية وتوفي عام 1209 ميلادية؛ اسمه الكامل جمال الدين ابو محمد الياس بن يوسف نظامي غنجوي قضى معظم عمره في مسقط رأسه غنجة، وكان على علاقات وثيقة مع وجهاء اذربيجان، والملوك المحليين في ارزنكان وشروان ومراغة، ووجهاء الموصل الذين قدم لهم معظم اشعاره القصصية.

مسقط راس شاعرنا نظامي مدينة غنجة (كنجه) الاذربيجانية إحدى كبريات مدن جمهورية أذربيجان والتي تتميز بمناظر خلابة، وفيها صناعات مختلفة من قديم الزمان وتعتبر ملهمة للعلماء والشعراء، خرج منها الكثير من الشعراء والأدباء اشتهروا في العالم كله وتركوا بصمات لا تنسى. أخذ الشاعر اسم مستعار له بنسبة إلى المدينة التي ولد فيها، عاصر حكم السلاجقة. وتوفي والده عنه وهو صغير، ثم ماتت أمه هي الأخرى والتي قامت على تربيته. وكان للشاعر أخ وحيد اسمه قوامي غنجوي. يعد نظامي من الشعراء الاذربيجانيين المشهود لهم بالتميز والنبوغ والذين استطاعوا ان يبتدعوا نهجاً خاصاً بهم ويطوروه.

ومع ان جذور الشعر القصصي كانت ممتدة قبل هذا الاديب الكبير، الا انه الشاعر الوحيد الذي استطاع حتى نهاية القرن السادس الهجري ان يطور هذا النوع من الشعر، ويصل به الى الحد الاعلى من الكمال، ويتفوق على اقرانه في هذا المجال.

تميز نظامي في شعره بإبداع المعاني، والمضامين البكر في شتى الاغراض بالإضافة الى قوة خياله ومهارته في تصوير دقائق الامور خلال وصفه للطبيعة والاشخاص مستخدماً الكثير من التشبيهات والاستعارات البديعة. وجرياً على عادة الادباء فقد أكثر نظامي من استخدام المصطلحات العلمية، والمفردات، والتراكيب العربية، كما زخرت اشعاره بالمصطلحات الخاصة بمباني، واصول الحكمة والعرفان، والعلوم العقلية، ولذلك جاءت اشعاره في هذا المجال صعبة ومعقدة للغاية لما احتوت عليه من دقة بالغة في المضامين والخيال. وبالرغم من ذلك كله، ونظراً الى مهارته المتميزة في صياغة المعاني الاخاذة، وباعه الطويل في تأليف القصص الشعرية، او الشعر القصصي، فقد اصبحت مؤلفاته نموذجا يحتذى بعد تأليفها بفترة وجيزة، اي منذ القرن السابع الهجري وحتى يومنا هذا.

يعرف نظامي كنجوي كمفكر مبدع لأدب النهضة واغنى الشعر الشرقي مضمونا وشكلا وأخذ بتاريخ الثقافة البشرية افكارا جديدة. تلقى نظامي العلوم في مدرسة غنجة (كنجه)ثم بدأ تعليم العلوم في عهده عبر مطالعة. فقد اطلع على اغلب الادب الشفوي والمكتوب لشعوب الشرق الادنى والاوسط. ويتبين من نتاجات الشاعر الذي كان ملما بالغات عديدة الى جانب لغته الام الاذربيجانية لهجة من لهجات اللغة التركية الحالية وكان يتقن اللغة الفارسية والعربية والتركية بطلاقة ولدية اطلاع على اللغة اليونانية حيث استوعب العلوم اليونانية القديمة مثل التأريخ والفلسفة والطب وعلم الفلك والهندسة.

من أبرز خصاله، أنه أحب الحياة ودافع عن الكرامة الإنسانية، وكل مؤلفاته ليس لها أي حدود قومية، فهي تنتمي للبشرية كلها، وقد أسس بها، وبأشعاره مرحلة جديدة للإنسانية، وتأثر كثيرًا بالشعر العربي، ويعد من العباقرة الذين استطاعت أعمالهم أن تسافر عبر الزمن. نظامي غنجوي، مصدر للإلهام، وصاحب فلسفة تقوم على السلام، والتفاهم، واحترام التنوع، وتبادل الخبرات، وله مبادئه الداعية إلى الحوار، والتي تعتبر التعددية علامة من علامات الحرية الإنسانية، ويعد من أفضل الأمثلة على الاهتمام بإبراز قيم التسامح والتفاهم، وله بصمته في التاريخ والثقافة العالمية، ويذكر عارفو قيمته بأنه لم يكن من شعراء البلاط، بل كان شاعر الشعب، وعاش في قلوب الناس، ومد جسوراً قوية بين الأزمنة والأمكنة، وأشعاره ومؤلفاته تخطت الحدود الجغرافية والزمانية، ووصلت للتقاليد العربية، وله اهتمامه الكبير بالعلوم والرياضيات والفلك وغيرها من المجالات..

ومكانة "نظامي" كشاعر موهوب، يعترف بها جميع النقاد من الفرس وغيرهم على السواء وقد اعترف له بذلك كتاب التراجم ومن بينهم عوفي وحمد الله المستوفي ودولتشاه سمرقندي ولطفعلي بيك وكذلك الشعراء ومن بينهم سعدي وحافظ وجامي وعصمت البخاري. من أشهر مؤلفاته ( پنج غنج) والتي تعني الكنوز الخمسة والتي تتألف من خمسة منظومات قصصية. 

مخزن الأسرار: هي منظومة صوفية تشتمل على كثير من النكات والحكايات على أسلوب حديقة الحقيقة التي ألفها سنائي أو على أسلوب المثنوي المعنوي التي كتبه فيما بعد جلال الدين الرومي. وهي تشتمل على كثير من المقدمات في المناجاة والحمد، يعقبها عشرون مقالة كل واحدة كتاب الإسكندر المقدوني: هذه هي المثنية الخامسة من مثنيات نظامي وهي مكتوبة في وزن المتقارب وهو الوزن الذي كتب فيه أكثر الشعر القصصي الفارسي. وهذه المثنية مقسمة إلى قسمين. الأول منهما يسمى إقبالنامه والثاني يسمى خردنامه. ولنظامي ديوان من الغزليات والموشحات والقصائد يبلغ العشرين ألف بيت وقد كتب نظامي ديوانه في سنة 584 ه. المراجع: ✓ نظامي غنجوي (كنجوي): ويكيبيديا ✓ الشاعر العبقري والمفكر الأذربيجاني، نظامي كنجوي (كنجافي):

بقلم الدكتور مختار بيديلي