مكن مسار إطلاق وتعزيز الحريات الفردية والجماعية في موريتانيا من تهدئة المشهد العام وطي صفحة الاحتقان التي طبعت الحياة العامة على مدى عقود من الزمن. وتعتبر حرية الصحافة من أبرز سمات هذا التحول الذي رسخ الممارسة الديمقراطية وأطلق العنان للمبادرة الفردية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية. لقد عزز واقع حرية الصحافة أجواء المصالحة وانتظام ممارسة جميع الحريات الأخرى بوضع حد لعلاقات العداء والمواجهات المفتوحة بين الصحافة والدولة من جهة وبينها والمجتمع من جهة أخرى. فوسائل الإعلام الخصوصية في ظل التعددية ينبغي مضاعفة التزامها القانوني بآخر أخلاقي اتجاه المجموعة الوطنية من خلال لعب دور الإخبار الصادقة والجادة والدفاع عن مصالح الأمة الحيوية واحترام رموزها كتجسيد لسيادتها على الحيز الذي تُمارس فيه الحرية والتعددية دون إكراه ولا مضايقة. خلافا لما سبق وفي خروج صارخ على أعراف المهنة وخرق مستمر للقوانين الناظمة لها وبقية قوانين الجمهورية الملزمة للجميع. ظهر جنوح بعض المؤسسات خصوصا الرقمية منها إلى التنافس في خط العنف في حق موريتانيا ومصالحها الحيوية وسمعتها وصورتها بين الأمم وشرف وهيبة شعبها. فمن تطاول "تقدم.كوم" على هيبة ورموز موريتانيا وسيادة قراراتها وبذاءة " الوئام" الذي لم يعد "وطنيا" إلى عمالة " مرابيع ميديا" وبيعها لواجبها الأخلاقي والمهني بالقطعة في سوق النخاسة الإعلامية بأسلوب تستحي منه أبواق دعاية المخزن نفسه. حتى " القلم" تم تدنيسه وإفراغه من تاريخه النضالي ورمزيته في مسار الصحافة الوطنية، من خلال تسخيره لأصوات الفساد العابر للحدود الذي يستهدف مصالح موريتانيا وخصوصيتها العربية الإسلامية وواجبها المقدس في الذود عن الجناب النبوي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام. كثرت المواقع السائرة على نهج "صحراء ميديا/ مخفر المخزن" في التنافس على درب الخيانة والعمالة ومحاولات النيل من استقلالية وريادة عجز أسيادهم عن استيعابها أحرى اعتراض سبيلها. اتجاه هؤلاء وأولئك ينبغي للقضاء أن يتحمل مسؤوليته حيال انحرافهم عن الخط المهني الصحفي وانتهاجهم أسلوب مراكز التجسس والعداء المعلن للأمة. خصوصا أن القضاء أسس لمساطر في مجال محاربة الفساد العابر للحدود ويمكن الإستئناس بها لإسكات هذه الأبواق التي يخجلنا احتضانها ويسائل أصحابها عن خيانتهم للوطن وعمالتهم للأجنبي.