الأوطان والأخلاق قبل "الأحزاب" و"الأحلاف"

ثلاثاء, 04/24/2018 - 23:46

بسبب ارتهان المنظومة الحزبية في قراراتها لأفراد وغياب الديمقراطية داخل  الأحزاب الشيوعية ، واحتكار وسائل الإعلام من قبل الدولة، وغياب الشفافية في الانتخابات، وإسناد مهام التخطيط والإدارة إلى"الولاء الحزبي الصرف" وليس إلى الكفاءة والخبرة، لم تصمد عواصم المعسكر الشيوعي،  وتهاوت أصنامها من ستالين وبريجينيف في الإتحاد السوفييتي ، وإيريش هونيكر في ألمانيا الشرقية ، وتيودور جيفكوف في بلغاريا ، وكادار يانوش في هنغاريا، وغوستاف هوساك في (تشيكوسلوفاكيا) ، ونيكولاي تشاوسيسكو في رومانيا ، وميشيسلاف راكوفسكي في بولونيا، وعبر الثوار في تلك العواصم بألوان الطيف عن رفضهم للأرقام الفلكية للمنتسبين إلى هذه الأحزاب، وغيروا وجهة بلدانهم، أعلاما، ومناهج، وحكومات، وشعارات الى غير رجعة.

وبسبب الانسداد السياسي الذي وصلت إليه الديمقراطية الغربية، التي كرست ثنائية اليسار واليمين في إدارة سبعين سنة من الحرب الباردة، خرج الشباب الأوروبي ثائرا على حكامه وسياسات الزج ببلدانهم في حروب لا قيم لها، وبدون أهداف إنسانية مجمع عليها.

 وبنفس الأسباب الأنفة الذكر سقط ابلير في ابريطانيا، وبوش واكلينتون في آمريكا، واليسار واليمين في فرنسا ، وخسرت قيادات  الرهان على أحزاب انتخابات99بالمائة مراكز القرار في أكثر من بلد افريقي، وأكثر من نظام عربي وهو حال  أحزاب واتجاهات  على سبيل  المثال  لا الحصر رسمت مآلات:  بن علي، ومبارك،والقذافي، وعبد الله صالح، وأحزاب الاستقلال في المغرب، وجبهة التحرير قبل العشرية السوداء في الجزائر.

ماذا قدمت التجربة الحزبية الهشة  لجمهورية مالي، وللعراق، وللنيجر  غير الحروب الأهلية والتدخلات الاستعمارية.

وهل يمكن أن نثق في أحزاب بالمنتدي وبالأغلبية أغلب قياداتها معينة أو مببرمجة،  ويعاد استنساخها

وتتشابه هياكلها ومواثيقها، وتتطابق إشكال الرحيل والاصطفاف بين ضفافها؟

يتحرك ماكرون في فرنسا ليقول انه زعيم فرنسا الأوحد، بسبب  رفضه لأحزاب العمال وأحزاب أرباب العمل معا، ومثلما يتزعم فرنسا، يحاول أن يملأ فراغ الزعامة في أوروبا.

يتحرك رجل  الأعمال اترامب في آمريكا وحالة الاضطراب  التي يحدثها ، تجاوزت  الأحزاب لتصل التجارة الدولية، والصحافة العالمية ، والأمن القومي.

يتحرك المثلث  الحزبي في إيران وتركيا وروسيا

على اختلاف اديولوجياته ومصالحه، ليرسم خطوطا حمراء ، وشراكات بينية ، هي اليوم  فوق مصالح الأحزاب البوتينية والملالية والعثمانية.

وحدهم العرب مشغولون بحروب الوكالة، وشراء الأسلحة والذمم  وتكميم الأفواه، والصراعات العبثية،وتدمير المشترك.، والصراخ  والعويل.

الأولوية في عصر الغزاة والطغاة والغلاة واللهوات هي  الأوطان، والأمن والاستقرار، ورموز لم الشمل ونشر مغارس العلم والحلم والحكمة،

نهرو صنع الهند، والصين يجمع ملياراتها  إجماعها حول حكيم يطبخ سمكة صغيرة، وجنوب إفريقيا والجزائر أثمرت  تجاربهم  مدارس الشهيد بن باديس، والمناضل الإفريقي نيلسون مانديلا ، ويبهر العالم  اليوم صناع  المعجزة الاقتصادية في اليابان وأندنوسيا.،وجزيرة الأمن من الخوف في صحراء الملثمين  الشناقطة.

نقول هذا لتجار المالبورو، وتجار التحالفات، وتجار المفاوضات، وتجار الوحدات.، وتجار الصالونات

لايمكن  لمطابخكم أن تمس شعرة من مناضل، أومن حكيم، أو من متواضع آخذ بالزناد، لاتأخذهم في الحق لومة لائم،يأوي اليهم المظلوم، ويأمنهم الأحمد العزيز.

أما قال علي كرم الله وجهه لابن ملجم: لماذا طعنتني وقد أحسنت إليك؟

شرار الخلق من يكون ظهيرا  لمن يرى أن الناس تشترى  - كابن ملجم-  بالمنصب وبالذهب ، أما سمعتم أيها  الزمار قول العربي الأديب الدكتور / عبدالرحمن العشماوي:

قد يعشق المرءُ من لامالَ في يده::ويكره القلبُ من في كفّه الذهب

ما قـيمة الناس إلا في مبادئهم ::لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب

قال تعالى في سورة الرعد:

{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ} {17} صدق الله العظيم.

بقلم : محمد الشيخ ولد سيدي محمد أستاذ وكاتب صحفي