لم يكتف قادة دولة الإمارات العربية المتحدة بتجسيد أول وآخر اتحاد عربي ناجح، عبر التاريخ المعاصر، بل إنهم حرصوا على تعزيز التكامل العربي على عدة مستويات رسمية وشعبية.
غير أن التكامل الأبرز تم تجسيده من خلال احتضان النخب العربية على اختلاف مشاربها العلمية والفكرية، فكانت الإمارات قبلة النخب العربية التي لم تتسع أوطانها لما تحمله من هموم الأمة الراهنة أو طموحها للمستقبل، فوجدت في دولة الإمارات العربية المتحدة الحضن الدافئ والأم الحنون والأب العطوف والوطن البديل، ووجدت الفرصة المواتية لتلاقح الأفكار والرؤى، وتكامل السعي لتحقيق وحدة عربية ثانية على مستوى النخب على أديم أرض الوحدة الأولى للإمارات العربية.
وكمثال على الاحتضان الإماراتي السخي لإخوة العروبة والدين، نسبر اليوم غور الجالية الموريتانية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي كانت من أوائل الجاليات العربية التي يممت وجهها شطر الاتحاد الوليد، يقينا منها بأن مستقبل ما شيده القادة المؤسسون لدولة الإمارات سيكون واعدا، ولم يخب ظنها لا في المؤسسين ولا في أبنائهم، فسارت الدولة الفتية وفق ما توقعوا، بل وأحسن مما تخيلوا.
كانت بداية سبعينيات القرن الماضي تاريخ ميلاد أمل عربي جسد الإتحاد بين سبع إمارات تنازل قادتها عن الانفراد بالسلطان والجاه، فكانت دولة الإمارات العربية المتحدة، التي امتازت علاقاتها الدبلوماسية مع موريتانيا بالمتانة منذ اللحظة الأولى، ولا زالت تتعزز إلى اليوم، وستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وقد شهدت العلاقات الموريتانية الإماراتية تطورا غير مسبوق في الآونة الأخيرة بفضل الإرادة القوية والصادقة لقائدي البلدين صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة و الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز،
و تعززت هذه العلاقات بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز لدولة الامارات وماتبعها من زيارات متبادلة لكبار المسئولين الموريتانيين والإماراتيين تم خلالها توقيع العديد من الاتفاقيات، ومانتج عنها من هبات وقروض وتمويل لمشاريع كبري.
وقد لعبت سفارة موريتانيا في أبوظبي بقيادة الدبلوماسي المحنك ذو التجربة الرائدة سعادة السفير السيد سيدي محمد ولد حنن، وطاقمه المعاون وخاصة المستشار الأول في السفارة السيد محمد المصطفي ولد محمد سالم والذي ذاع صيته بين جميع أفراد الجالية الموريتانية ممن التقينا بهم والذين مافتئوا يلهجون بالثناء علي سعادة السفير سيدي محمد ولد حنن وطاقمه المميز حيث عبروا لنا عن امتنانهم ورضاهم عن جميع أفراد الطاقم الدبلوماسي العامل في سفارة الجمهورية الإسلامية الموريتانية في أبو ظبي .
هذا الطاقم المميز الذي يصل ليله بنهاره -حسب تعبيرهم- في تأدية الواجب الوطني على أحسن وجه بتوجيهات من سعادة السفير سيدي محمد ولد حنن.
ولاتزال هذه العلاقات تنمو وتتعزز يوما بعد يوم بفضل الجهود الحثيثة للدبلوماسي الكبير والمحنك السفير سيدي محمد ولد حنن وطاقمه .
كمالعبت سفارة الإمارات العربية المتحدة في انواكشوط بقيادة صاحب السعادة السيد عيسي عبد الله مسعود الكلباني الدبلوماسي المحنك الخلوق المتواضع دورا بارزا في تطوير العلاقات الإماراتية الموريتانية والدفع بها نحو الأمام .
- الجالية الموريتانية المقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة :
تقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة جالية موريتانية نخبوية تقدر ب 5000 فرد حسب احصائيات رسمية للسفارة الموريتانية في ابوظبي و تبلغ نسبة العاملين منها 56%، أي ما يقدر ب 2747 ونسبة الطلاب ب 7,2% أي ما يناهز 352 ونسبة الأسر والأطفال ب 36% أي مايقارب 1744 و تعد هذه الجالية من أقدم الجاليات الموريتانية في الخارج ومن أهمها وأكثرها مردودية على الوطن، كما أنها تعتبر جالية نخبوية حيث يشكل كبار العلماء والقضاة والأئمة نسبة كبيرة منها: 520 عالما من خيرة العلماء المتخصصين في علوم الشريعة الإسلامية في الأوقاف، 26 منهم يعملون بمركز الإفتاء ويشكلون نسبة 75% منه والباقي ما بين قضاة من ضمنهم رؤساء محاكم، هذا بالإضافة الي عدد كبير من الأئمة في مختلف الامارات المكونة للدولة الاتحادية.
العلماء : ويلعب العلماء الموريتانيون، وخاصة أولئك الذين يعملون في المركز الرسمي للإفتاء والذين تبوؤوا مكانة متميزة دورا أساسيا في المشهد الديني بدولة الإمارات نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : العالم و المفتي الكبير اليدالي ولد الدين مفتي دائرة قضاء وكبير القضاة العالم محمد الأمين ولد محمد بيب و الشيخ محمد عبد الرحمن ولد الشيخ محمد وهو أحد أبرز علماء موريتانيا في دولة الإمارات، والذي يستضاف دائما في برنامج "يستفتونك" في إذاعة القرآن الكريم الإماراتية منذ 14سنة، وبرنامج "ديننا " الذي تنقله الشبكة الوطنية للأعلام في الإمارات والتلفزيون الرسمي لدولة الإمارات، هذا بالإضافة إلى كونه أستاذ كرسي لفقه الإمام مالك في مركز الإمام مالك لتكوين العلماء الإماراتيين.
ويقدم الدكتور الشيخ محمد عبد الرحمن ولد الشيخ محمد العديد من المحاضرات ويشارك في العديد من الندوات الدينية والفكرية في جميع الإمارات المشكلة للدولة الاتحادية.
التجار : أما التجار الموريتانيون العاملون في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعددهم 415، فيتوزعون مابين مديري مؤسسات عاملة في مجال الشحن أوعمال تابعين لها وأصحاب مكاتب تجارة عامة ووسطاء وممثلين شركات وطنية ومن بينهم سيدة أعمال موريتانية
الأطر : وهم مجموعة من نخبة المثقفين الموريتانيين لايتجاوز عددهم 30 مابين مهندسين وصحفيين في صحف محلية وشبكات اعلامية وتلفزيونات عربية وعالمية.
الرعاة : يبلغ عدد الرعاة الموريتانيين العاملين في دولة الإمارات العربية المتحدة 541 فردا،
الشرطة والحراسات : لايتجاوز عدد أفراد الشرطة الموريتانيين في دولة الإمارات 40 فردا إلا ان العدد يرتفع في شركات الأمن الخاصة "الحراسات" ليصل إلى 478 عنصرا.
الزوار : أما الزوار الموريتانيون لدولة الإمارات فيتجاوز عددهم المئات من الزوار سنويا يتوزعون ما بين رجال أعمال وكبار تجار ورؤساء منظمات غير حكومية وغيرهم. من رسميين وأسرميسورة الحال تأتي لقضاء عطلتها السنوية .
وأثناء إعدادنا لهذا التقرير لاحظنا الجهد الكبير الذي يقوم به الطاقم الدبلوماسي الناجح في سفارة موريتانيا بأبوظبي بقيادة سعادة السفير السيد سيدي محمد ولد حنن وما يبذله هذا الطاقم من جهود مضنية في سبيل تجذير هذه العلاقات وترسيخها و الرفع من مستواها بالتواصل الدؤوب مع مختلف الهئيات الرسمية وكبار المسئولينن مع حرص دائم على تفقد أحوال الجالية وتفان في حل جميع المشاكل التي قد تعترض طريق أي فرد من أفرادها .بالإضافة ألى العمل المتواصل لتنظيم اللقاءات وزيارات الوفود الرسمية المتبادلة بين البلدين خدمة للعلاقات المتميزة، وكيف أن هذه الجهود المضاعفة المستمرة و المضنية تكلف طاقمنا الدبلوماسي تكاليف تتجاوز بكثير ميزانية السفارة المتواضعة . وهو ما يتطلب رفع تلك الميزانية لتكون في مستوى الجهود الكبيرة والأداء المميز الذي يبذله سعادة السفير وطاقمه الدبلوماسي ..
ولعل من الأولويات التي يجب القيام بها، توفير مبنى خاص بالسفارة في القطعة الأرضية التي منحتها لها حكومة أبوظبي لتوفير مصاريف إيجار مبنى للسفارة وإقامة للسفير، وهو ما يكلف أموالا طائلة ستعود للميزانية في حال تم بناء القطعة الأرضية الخاصة بالسفارة.
كما أن الجالية الموريتانية المقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة تجمع على ضرورة فتح قنصلية عامة للجمهورية الإسلامية الموريتانية في دبي، وذلك لتمكين المقيمين والزوار من حل مشاكلهم المتعلقة بها بدل السفر إلى أبوظبي، وهو ما سيوفر مزيدا من الوقت والمال لأفراد الجالية وطاقم السفارة في أبو ظبي المكلف باستقبال وتوديع الوفود الرسمية.
وفي الختام نذكر بأن الجالية الموريتانية المقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة حملت معها القيم العربية الأصيلة، وعلوم اللغة والشرع الغزيرة، وكانت في طليعة الجاليات العربية التي مثلت بلدانها أحسن تمثيل، فنالت لقب خير سفير للشناقطة في دولة الإمارات العربية المتحدة، أسوة بالرعيل الأول من العلماء الذين زاروا الأزهر واستقروا في الديار المقدسة....
الوئام