يتمعدد الموريتانيون ويخشوشنون منذ ألف وخمسمائة عام بين حاجزين : صحراء زاحفة ومعها أعجمية كاسحة، وبحور من المحيطات يستأسد فيها الغرب ، موانئ مراسي وقواعد غازية، وأقمارا صناعية تجسسية، وتجارة أتت على الأخضر واليابس، وسلبت كنه الأخلاق، ومجست
وهودت ونصرت، الفطرة والبشرة ، والثقافة والإعلام.، وجلبت مستوطنات إلى هذه الديار.
غير أن ما يعظم البلية ، وينكأ الجراج، هو الحملة الشرسة التي أصبح المبلسون من (خوارج الأمصار)، والمنعمون في قصور (البوار)، و(ديار الفاسقين) من أبناء الحاجزين، و المهرجين في الظلمات الثلاثة:(ظلمة عناد الفكر، وظلمة ضعف الحجة، وظلمة لجة الفتنة)، يشنونها على العالم الشنقيطي، وعلى المحظرة الموريتانية.، أغلى صناعة صنعناها، وأعظم منارة بنيناها.
يصدر هذا من جواسيس السفارات الأجنبية أعضاء الأندية الماسونية فلا يرد عليه، ويرد من حركات شيوعية وأصولية وشرائحية متطرفة فيضعف الرشداء عن مواجهته، ويتمطى به "مفكرون بدعيون"، و"باحثون متهورون" قد أحاط بهم الحبط، وتناهي إلى أوكارهم السلب والسب، فلا يرتفع صوت يذب عن أعراض أئمة الهدى ومراكز اشعاع الهداية في الأرض.
اليوم يحتاج بلدنا إلى حلف فضول يدافع عن العالم، والمفكر، والمثقف، والمبدع، والشاعر ، والصحفي ، وعن الضاد وعن الظاء ، حتى لايعقر الجواد، ولا تمحى الذاكرة ، ولا تتعجم الألسنة ، ولا يختم على القلوب بالغفلة.
أتذكر بإشفاق هذا ، كلما هوى نجم من علماء البلد، أو أمراء القصيد فيه ، أورأيت والغا يلغ في عرض إمام من الأئمة
العدول..
للأسف ضيعنا عصر آب ولد اخطور وابني ميابه ، ولم نذق حلاوة عصر الشيخين المجاهد محمد المامي والقاضي الشيخ المحفوظ، وتلعثمنا مع أنوارالشيخ محمد يحي وذاكرة الشيخ عدود،ولم نقتبس من كرامات الشيخ بداه والشيخ محمد ولد سيد يحي، ولم نغرف من علم الشيخ محمد الحسن، وهانحن نقطع الجدب وشموس عصر العلامة بن بيه المشرقة في مشارق الأرض ومغاربها - ماشاء الله لاقوة إلا بالله – كأنكم لا لاترونها ، ولا ترون من ارتوى من معصراتها.
وهؤلاء أتباع - بيعة الشجرة، وأصحاب الصفة ، ويوم الحرة- نرى أصحاب الافك يرمونهم رميا، ويسبونهم سبا.، ويجلسون في إعلام الهرج والدخن، يتحدثون عن دينهم الجديد :(أف لكم ولما تعبدون).
وهل هناك ذنب أعظم من سب باسقات محاظرنا ومنارات بلدنا؟
نقل النووي رحمه الله في "التبيان في آداب حملة القرآن" عن أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله أنهما قالا: إن لم يكن العلماء أولياء الله، فليس لله ولي، وهذا الإمام أبو القاسم ابن عساكرمؤلف مختصر تاريخ دمشق يقول: ( لحوم العلماء مسمومة ، من شمها مرض، ومن ذاقها مات، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، من أطال لسانَه في العلماءِ بالثلبِ، بلاه الله قبل موته بموت القلب)، قال الله عز وجل:
((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))النور: 63.
حفظ الله علماء شنقيط ومن يتألق من عربها وعجمها، وقدر للبقية منهم، ذاكرة حفظ، وذكرى تبجيل و تكريم.
أن إنشاء حلف فضول بين مثقفي موريتانيا بات أمرا لازما، فلو خرج محمد محمود ولد ودادي من التكتل، واستقال أحد أمراء الشعراء من احتناك الشعر، وترك الخليل ولد أنحوي الهجرة، وجمعت الجمعة بين المتنافسين على رئاسة اتحاد الأدباء، وترك الصحافة والسياسة أرباب مغارس السلم والعلم والحلم، وألقوا جميعا أقلامهم أيهم يكفل مريم.. لتمخض الجيل والجبل فولد رباطي مئذنة ومحظرة؟
يا أخت هارون شهدنا بما علمنا، ما كان أبوك إلا صديقا، وما كانت أمك إلا حوارية ، وما كان رزقك إلا مفازة من المحراب ، يأتيك رغدا من عند الله.
هنالك دعا زكرياء
محمد الشخ ولد سيد محمد