ما أيسر تلك المطالب العادلة التي طالبت بها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب قطر، بما يضمن أن تكون بعيدة عن الإرهاب والتخريب والتآمر، متحلية بمبادئ حسن الجوار والكف عن إيذاء الآخرين، وعلى الرغم من موضوعية هذه المطالب وقبولها من أي طرف عاقل إلا أن قطر رفضتها بكل جنون، لتبرهن بذلك على أن أجنداتها الإرهابية متأصلة فيها حتى النخاع، فهي مستعدة للتضحية بعلاقاتها مع جيرانها وأشقائها وبمحيطها الخليجي والعربي في سبيل استمرار نهجها الإرهابي والتآمري ودعمها للشخصيات والتنظيمات المتطرفة.
ملفات كثيرة زاخرة بالوثائق والحقائق التي تدين قطر، وتثبت تورطها في دعم الإرهاب وتمويله، وتكشف أياديها التخريبية في مختلف دول العالم، سواء في دول الخليج أو سوريا أو ليبيا أو اليمن أو العراق أو مصر أو دول أوروبية أو غيرها من الدول، وهو إرهاب عابر للدول والقارات، وتبقى في كل هذه الأماكن حقيقة واحدة واضحة كالشمس، وهي أينما وُجدت الأيادي القطرية فلا بد من توقع النتيجة مسبقاً، دعم للتيارات والميليشيات الإرهابية، وزعزعة لاستقرار الدول، وتآمر ضد الحكومات، والقيام بأنشطة تجسسية، ونشر للإشاعات والقلاقل، وتمكين للجماعات المتطرفة.
أصبحت قطر اليوم مرتعاً للشخصيات والمؤسسات الإرهابية التي تلقى منها الدعم والحماية والتمويل، منها شخصيات تعتبر من أكبر الممولين للجماعات الإرهابية في العالم، كالقطري عبد الرحمن النعيمي رئيس جمعية الكرامة الإرهابية، المدرج على القوائم الإرهابية العالمية، لتمويله للتنظيمات المتطرفة بما فيها تنظيم القاعدة في اليمن وسوريا، وهو المدير السابق لمؤسسة «عيد آل ثاني» الخيرية القطرية!!
ومنها شخصيات تعتبر من رؤوس المحرضين على الإرهاب في العالم كالمدعو يوسف القرضاوي، الذي استغل منابر الجمعة والمنابر الإعلامية للتحريض المتواصل على الإرهاب في دول عدة بما في ذلك التحريض على تنفيذ العمليات الانتحارية، وأما على مستوى المؤسسات والكيانات الإرهابية التي أنشأتها قطر أو مولتها فحدث ولا حرج، منها على سبيل المثال ما يسمى بالمجلس الإسلامي العالمي (مساع)، الذي تستر وراء هذا الاسم البراق لإخفاء إرهابه الأسود الذي أصبح اليوم مكشوفاً للعيان، ورئيسها علي عبد الله السويدي مدرج على قوائم إرهابية!!
لقد تسترت قطر طيلة هذه السنوات تحت ستار منظمات إسلامية وجمعيات حقوقية ومساعدات إنسانية، واستخدمت شعارات كثيرة كستار لأعمالها التخريبية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، وحرَّكت مؤسساتها الاقتصادية وآلاتها الإعلامية ومختلف أجهزتها لخدمة ذلك، وهي اليوم مدانة من قبل المنظمات الحقوقية التي تتهمها بدعم الإرهابيين والمخربين تحت دعوى الديمقراطية، وإحداث القلاقل في العديد من دول المنطقة، واستخدامها للمال والإعلام كوسائل لدعم الجماعات الإرهابية في مختلف ربوع العالم، وانتهاكها لحقوق المواطنين القطريين بما في ذلك التهجير القسري للآلاف منهم.
وعلى الرغم من أجراس الإنذار التي تقرع آذان النظام القطري فلا تزال قطر تلعب بالنار، وتستمر في ألاعيبها، وقد بلغ الجنون القطري مداه بإرسال طائرات عسكرية لاعتراض طائرات إماراتية مدنية تسير في رحلاتها المعتادة إلى البحرين، في تعد سافر على كل القوانين والاتفاقيات الدولية، وفي تهديد خطير لسلامة الطيران المدني، وفي عمل عسكري لا يمكن وصفه إلا بتصرف مجنون واستفزاز مقيت.
وهذا ليس بغريب على قطر، فقط تعرَّت تماماً بعد المقاطعة، وظهر اصطفافها المفضوح في خنادق المعادين لدول الخليج وللأمن القومي العربي، فعلى مستوى الملف الحوثي نجد قطر من أول الداعمين للحوثيين، ومنابرها اليوم مفتوحة لهم، وفي المقابل لا نجد شوارب قيادات قطر تهتز أمام الصواريخ الباليستية الحوثية الإيرانية التي تستهدف المملكة العربية السعودية، وعلى مستوى الملف الإيراني نجد قطر اليوم مرتمية بكل حرارة في أحضان إيران، وهكذا في مختلف الملفات التي تمس المنطقة.
كما تستمر محاولات قطر الفاشلة للتشويش على أهداف مقاطعة الدول الأربع لها، ومن مزاعمها المضحكة اليوم ادعاء أن هدف المقاطعة الطمع في ثرواتها!! وهذا مما يضحك الثكلى، ولا ينطلي على عاقل، فإن أهداف المقاطعة واضحة منذ أول يوم، والمقاطعة إجراء طبيعي متوقع بعد صبر شديد طويل على عنتريات قطر.
وإذا نظرنا إلى الواقع فسنجد أن الذي ينهب ثروات قطر ويتلاعب بها هو النظام القطري نفسه، الذي يهدر الأموال القطرية ويبعثرها في مشاريع إرهابية لا تخدم إلا شياطين الإرهاب في العالم، كما ينتهج النظام القطري سياسات ستؤدي بالاقتصاد القطري إلى الانتحار!
لقد خسرت قطر الكثير، خسرت شعبها وقبائلها، وخسرت جيرانها وأشقائها، وخسرت عقلاء العالم، وانكشف زيفها أمام كثير من الجماهير، وإن الحملة الدولية لملاحقة قطر ستتسع لا محالة، فالمتضررون من قطر كثر، وهناك دول كثيرة عربية وغربية وأجهزة استخبارات مختلفة تتبع أنشطة قطر الإرهابية، وتدين صلتها بالشبكات الداعمة للإرهاب.
ومن تراهن عليهم قطر اليوم من حلفاء سيتخلون عنها عند أدنى تقاطع في المصالح، وربما جعلوها كبش فداء لمصالحهم، وإن التاريخ لن يرحم أبداً من يغامرون بدولهم وشعوبهم ويضحون بأشقائهم وبمصائرهم مقابل لا شيء!!
نعم! ما أجمل أن تثبت الدول وجودها في هذا العالم الصغير من خلال إنجازاتها التنموية والإنسانية وثقافتها السمحة المعتدلة وتواصلها الإيجابي مع الجميع، فتحظى بالتوقير والتقدير والسمعة الطيبة، وما أقبح أن تحاول الدول خلق وجود زائف لها من خلال أعمال إرهابية ومؤامرات تخريبية، وتفقد عقلها وسمعتها، وتصبح دولة معادية منبوذة ذات سلوك إرهابي مشين، وهذا هو واقع قطر اليوم!
أحمد محمد الشحي