شكلت طفولة جرثومة العصر سيدي عالي ولد المختار ولد بلعمش، مرحلة بها يستدل على نذالة حياة رخيصة سافلة نجسة، لم تعرف البشرية نظيرا لها. فمن مدينة النعمة (الحوض الشرقي) إلى ﺃﺯﻗﺔ المدينة R والمدينة G والمدينة 3 (نواكشوط)، رسمت ريشة الزمن خارطة حياة صرصور بشري خلق ليكون الحضن الدافئ لخزي الدنيا وعذاب الآخرة. اتحدت كل عوامل الطبيعة إبان مرحلة طفولة هذه الجرثومة على أن تجعل منها عبرة للإنسانية جمعا، فكانت أن جعلها الله في أسوء صورة لمخلوق بشري، بل إن القردة تتعظ من القدرة الإلهية في تصوير جسم مخلوق على هذا النحو المخيف حقا.
أما من حيث المضمون فقد شاخت الأبصار وعميت القلوب دون أن تجد تفسيرا منطقيا لمسار حياة جسد كل عذابات وأحزان وأتراح الكون دون أن يكون شيئا مذكورا. فشل سيدي عالي في تذوق براءة الطفولة، فقد خطفتها الفاقة قبل مولده بأيام، وفشل في الحصول على تربية صالحة لأنه ببساطة لم يخلق لهذا الغرض، وفشل في الحصول على رفاق وأصدقاء يتعلم منهم أبجديات الحياة، لأن شكله الخارجي كان مخيفا منفرا، فكانت كل حياته لا تتجاوز عتبة صيحات داخلية لو أخرجت لأحرقت وهدمت الدنيا.
هكذا انقطعت كل الحبال التي تعلقت بها جرثومة العصر سيدي عالي ولد المختار ولد بلعمش، للظفر بشبر من حياة بشر طبيعية، وهكذا أخذت هذه الجرثومة البشرية درسها من الحياة والمحيط، لتصبح فيما بعد كشكولا من الأحقاد والمتناقضات، واللعب بالقيم الإنسانية، والطفح على أعراض الناس دون خجل أو ملل، وهكذا تشكلت طفولة فولاذية لا زالت إلى اليوم تترجم بدقة قساوة الحياة ومرارة العيش على هامشها، وهكذا يفهم سر تطاول سيدي عالي على كل شريف نسب وحسب ومكانة اجتماعية حجز لنفسه مكانا في علية القوم.
أما عن حياة سيدي عالي "المخنث"، وسيدي عالي سارق حقائب السمراوات، وسيدي عالي منتحل صفة الكاتب قصد التسول، وسيدي عالي الشرطي غير الأخلاقي المطرود، وسيدي عالي وسيدي ماسح أحذية سيدة القصر الأولى وسفيرها لدى جمهورية السقوط الأخلاقي، فتلك قصص أخرى تستحق الوقوف عندها. يتواصل