في سابقة خطيرة، وانتهاك صارخ للأعراف التي تحكم العلاقات بين الدول، وتجاوزا لمقتضيات حسن الجوار، وخرقا لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، نشرت الوكالة السينيغالية للأنباء (رسمية) برقية تتحدث عن مؤتمر صحفي ستنظمه الهيئات الحقوقية السينيغالية، للحديث عن ما قالت الوكالة إنه انتهاك الحريات، وحقوق الإنسان في موريتانيا، وتطرقت الوكالة للاستفتاء الشعبي الأخير في موريتانيا، وانتقدت ما اعتبرته تفشي الفساد، والرشوة، والاسترقاق في موريتانيا.
والغريب في الأمر أن الوكالة السينيغالية للأنباء نشرت هذه البرقية المتعلقة بمؤتمر صحفي لم يحدث أصلا، ومعلوم أنه في الأعراف الإعلامية أن نشر أي معلومات عن حدث لم يحصل بعد يعتبر "ترويجا" مجانيا له، ومساهمة في صناعته، وهنا يستغرب المراقبون تمادي السينيغال الرسمية في مهاجمة موريتانيا، وانخراطها الواضح في حملة تشويه صورة البلد، والنيل من مكانته، وهو ما يعتبر تجاوزا لكل الحدود، فهذه الممارسات العدائية من قبل السينيغال تجاه موريتانيا تتجاهل مصالح السينيغاليين أنفسهم، الذين توجد منهم جالية بعشرات الآلاف في موريتانيا تمارس مختلف الأعمال، وتحظى بمعاملة تفضيلية من جانب موريتانيا، كما أن موريتانيا ظلت دائما تمد يد العون للسينغال، لكن هذه الخطوات العدائية من جانب داكار قد أفاضت كأس صبر الموريتانيين، الذين يقول بعض مدونيهم، وساستهم إنه إذا كانت موريتانيا: شعبا، ونظاما لم تسمح لدولة أخرى تعتبر نفسها أكبر شأنا بالتطاول على سيادتها، وأرغمتها على الاعتذار، وتصحيح مسارها، فلن تقبل تلك الإهانة – من باب أحرى- من السينغال، التي عين رئيسها قبل أيام شقيقه في منصب حساس في الدولة، ومع ذلك تتحدث الوكالة السينيغالية للأنباء عن الفساد، وتكافئ الفرص !!.
ولئن كانت الوكالة السينيغالية قد سحبت البرقية المهينة لموريتانيا، إلا أن ذلك لم يكن كافيا على الإطلاق، فالموضوع تم تداوله، والرسالة وصلت، وعلى السينيغاليين أن يتوقعوا الرد، فلموريتانيا كذلك وكالاتها، وصحافتها، وشعبها الذي لا يقبل الضيم، وعندما تتم مهاجمة موريتانيا كبلد بهذه الطريقة في وسائل الإعلام الرسمية السينيغالية فإنه لم يعد هناك معنى للحديث عن المعارضة، والموالاة، فالجميع يرفض الإساء لموريتانيا، باستثناء من هجروها "طائعين" وباعوها بأبخس الأثمان.