واهم من يظن أن نعيق ضفادع قادمة من سبات شتوي عميق ستمنعنا من تسليط الضوء على تاريخ أهل هذه الأرض السياسي و الإجتماعي و طبيعة حكامها و نمط الحكم فيها ، و أكثر أوهاما منهم من يظن أن ظاهرة " الهولوكست تأسيس" التي بدأت تنخر الذاكرة الجمعية لبعض أوساطنا الثقافية و الإجتماعية ، ستجعلنا نخون دماء شهداء قدموا أغلى ماعندهم و أزكى ألا و هو " الدم " ، دفاعا عن هذه الوطن وشعبه و حوزة الترابية و وحدته الوطنية و نسيجه الإجتماعي ، و هويته العربية الإفريقية و لسانه العربي و عقيدته الإسلامية ، أبطال مقاومة و مناضلين شرفاء من أجل التحرر و الإستقلال الحقيقي و جنودا و ضباطا شجعان قضو في سوح الشرف من أجل عزة و رفعة هذ الوطن و شعبه الأبي ، ولن تدفعنا شوفينية البعض و حرصه الشديد على طمس الحقائق التاريخية و تزييف وعي الجماهير و ممارسة الإرهاب الفكري و اللفظي ، و عزل الحقائق و المعطيات و الشواهد التاريخية عن سياقها التاريخي و العلمي ، من المضي صوب هدفنا الواضح و المحدد في إعادة تأسيس هذه البلاد و كتابة تاريخها بصفة مجردة و منصفة و أمينة ، و تسليط الضوء على الجوانب و المواقف المضيئة و المظلمة الإيجابية و السلبية الوطنية و العميلة فيها ، مهما كان أصحابها و مهما علا شأنهم او نقص قدرهم او قضم قحهم او كبروا في نفوس البعض او صغروا في عيون الآخر ، والتاريخ هنا و التجربة تخبرنا أنه طريق لن يكون مفروشا بالورود و الود و العناق وأنه لا ينبغي إلا لمن أمتلك الشجاعة و الصبر و التحمل على سبر أغواره ، وأستعد لدفع ثمنه مجزيا لكنه سيظل ثمنا رخيص في سبيل الحق و الحقيقة المسكوت عنها و المغيبة عمدا و إصرارا و ترهيبا ، وهي مهمة لا ينبري لها الا من كان زاده الحزم في المواقف و الأمانة في المعلومة العلمية و التجرد من الذات و الانتصار للحق الأبلج و الحقيقة الممنوعة ، وهو التاريخ الذي يخبرنا أنه ماطلع رجل على قومه بالحق او حدثهم في المسكوت عنه او سفه أحلاما لهم ما أنزل الله بها من سلطان ، إلا كذبوه او قتلوه او شردوه او قالوا عنه ساحر او مجنون ، الجنون الذي أثبت أن الأرض تدور و أن الفلسفة أم العلوم و أن الله حق واحد لا شرك له و أن التاريخ لا يرحم الخونة و العملاء و أن الغزاة و المحتلين كرموا أبناءهم الذين سقطوا في ساحات الغزو و الاحتلال للأمم و الشعوب المستضعفة ، فكيف بنا نحن لا نعتز و نخلد و نكرم أبطالا و شهداء و مناضلين كافحوا و أستبسلوا و أستشهدوا ، حين كان بعضنا يعاهد و يساير و يغدر و يشي و يقمع و يمكن للمستعمر الغازي و المعتدي في البلاد و العباد في الثروة و الهوية و الثقافة و اللسان . صور من " حكومة التاسيس الوطنية " تخدم المقال .