قطع العلاقات الموريتانية القطرية لم يأت من فراغ ، بقدر ما جاء نتيجة بحث معمق وفتور على مستوى التعاطي مع بعض الملفات العربية والتمادي القطري في نسف الأنا العربي بتبني السياسة الغربية عبر السلاحين المادي والإعلامي المسخرين لدحض الوجود القوي للأمة العربية المنسجمة بمفهومها الواسع وعرقلة بعض ملفات المصالحة التي قادتها موريتانيا. فما هي الحلول الاستعجاليه الممكنة لتدارك ما شاب الوجه القطري خلال السنوات الأخيرة ؟وكيف تطورت الأمور بهذه السرعة؟ وإلى أين يتجه المستقبل القطري؟وإلى متى ستبقى قطر صامدة في وجه المحاصرة المطلقة هذه ؟ لم يعد أمام قطر من الحلول السريعة سوى تنظيم انقلاب على السلطة الحاكمة لإعادة المياه إلى مجاريها بالتكفير عن الأخطاء وإعطاء فرصة جديدة لنظر في الملف القطري على مستوى دول الخليج قبل اللجوء للتدخل العسكري المحتمل في ظل تعنت القيادة الحالية، فضلا عن سياسات قطر في الماضي القريب القائمة على ثقافة التدخل المادي والمعنوي في بعض الدول العربية والترويج للانفصال في الدولة الواحدة، بحجة الانتصار للقضايا العادلة على عكس رغبة غالبية الشعوب العربية في الوحدة والشعور ،ولو عاطفيا، بالمصير المشترك. الدوحة الآن مطالبة بمراجعة كل مواقفها ، وإلا فإن الوجه القطري البراق ستختفي ملامحه بأسرع من البرق وستظهر للعلن كل مؤامراته بتكبره وعدم اعترافه بذنوبه والتعبير عن نية ألا عودة بدل المواجهة بالندية لما لا طاقة له به في أول تكتل عربي لتأديب صغير في حق الكبار. أما بخصوص التطور المخل فهو عدم وضع قطر في حسبانها أن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها وأن الدائرة تدور وأن الملفات الخليجية الخليجية لا تتم تسويتها بالتقادم بقدر ما يتم تجاوزها بالصراحة والمصالحة والاعتراف بالأخطاء وأن المستور قابل للنبش والتحقيق متى تطلب الأمر واستدعت الضرورة . وأما المستقبل القطري فتتنازعه ثنائية احتمالين إما تصحيح الأخطاء عن طريق أفكار جديدة ومقاربة ناضجة منطلقة من الواقع وحسابات المرحلة لان الصمود لن يكون طويلا، بفعل الموقع الجغرافي المعتمد على المعابر المطوقة بأخطاء السياسات وعدم الاكتفاء الذاتي بالموت جوعا أو دفعا على الأقل بما أمكن من وسائل ذاتية ومعدات إن لم تظهر تحالفات أعمق مما ظهر حتى الآن. وفي ما يتعلق بموريتانيا الدولة فهي تتعامل بشكل واقعي بحسب ما تمليه مصالحها وفي مقدمتها حجم الاتفاقيات الاقتصادية والمواقف السياسية بعيدا عن العواطف. نواكشوط تسعى جاهدة لمحاصرة فتح أسواق جديدة للسلاح في بعض البلدان العربية بمكانتها القوية رغم الفبركة الحرفية للصورة الوهمية على أنها الصورة كما هي بالنسبة لقطر ! ودعم الأقليات بالسلاح وخلق بيئة للتهريب والجريمة الجماعية للأطفال والنساء والمسنين والعمل على كون قطر الجزيرة هي المصدر الأوحد والرؤية الإعلامية الرائدة بالتسويق للمصالح القطرية دون صياغة خبر واحد منصف ولو عن طريق الخطأ. وأخيرا أثبتت الدول العربية أنها لن تبقى مكتوفة الأيدي في وجه، الوهم الذي تم الترويج له عبر ماكينة إعلامية قوية والقائم على أن الدوحة هي القاطرة الاقتصادية والسياسية والإعلامية الوحيدة في الخليج والدول العربية. فموريتانيا أيضا بفعل موقعها الإستراتيجي المتميز وتفوقها الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الإرهاب،تثبت عند الاقتضاء أنها السباقة في التعامل مع الانتهاكات السافرة في حق غالبية الشعوب العربية وكما في المادة 17 عشر من الدستور الموريتاني فإنه لا عذر في جهل القانون يا قطر، وأن النطق بقطع العلاقات لم يحدث إلا بعد دراسة متأنية للأبعاد الثلاثية للصورة.