من طبع الحياة ان تقحم الإنسان فى مواقف قد تتباين فيها تصورات وآراء الناس من حوله .ويعلمنا القرآن الكريم الموقف المناسب فى مثل هذه الامور عندما تتجاذب الناس الأراء والاهواء.
فى غزوة الحديبية عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم مصالحة قريش على الرجوع عن الحج ذلك العام تباينت آراء الصحابة حتى هم بعضهم أن يقول ما لايجوز قوله.بل قال بعضهم كيف تعطى الدنية فى ديننا؟
ولقد هم لذلك النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال لام المؤمنين أم سلمة ويح صحبي آمرهم فلا يستجيبون ؟ فاشارت عليه أن احلق رأسك فسيتبعونك عندما يروا عزمك على الأمر !
وجاء القرآن الكريم مؤيدا موقف النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى (فبما رحمة من الله لنا لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك .فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر .
فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )
وفى عهد أبي بكر الصديق رضي الله عندما أراد محاربة المرتدين مانعي الزكاة ، لم يوافقه أغلب الصحابة حتى ان عمر بن الخطاب لم ير رأيه فى أول الامر حتى قال ابوبكر قولته الشهيرة (والله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونها لرسول الله لقاتلتهم عليها ) عندها قال عمررضي الله عنه الحمد لله د الذى شرح الله صدري لما انشرح له صدر ابى بكر . يعلمنا القرآن الكريم ان اتخاذ الموقف فى الامور الجمهورية التى تهم عامة المجتمع يمر بمراحال :
-أولاها عرض الأمر على الجمهور للتداول والنقاش والحوار
- والثانية ان يتم مناقشته من طرف الخاصة وفى غرف مغلقة
-والثالثة ان يتم اتخاذ القرار ،
عندها لا يجوز التخلف ولا الخروج عن القرار لما فى ذلك من إضعاف للأمة وتشويش على العامة .إنه لا يضر الأمة شيئ اكثر من تردد قادتها فى اتخاذ القرارات المناسبة وفى الأوقات المناسبة .
من المهم بيان ان الشورى على القول الراجح معلمة لا ملزمة بمعنى أن القادة ليسوا ملزمين دائما برأي العامة اذا تبينت لهم مصلحة راجحة فى أمر معين . من المهم كذلك بيان ان تباين الناس فى تقدير الامور لا نكير فيه ولكن النكير عندما لا تعطى لغيرك الحق فى اتخاذ موقف قد لا تراه مناسبا ولكنه يراه الحق الذى لا وراءه صواب
وقد قال الشاعر قديما
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمةفأن فساد الرأي ان تترددا.
د/ الشيخ ولد الزين ولد لمام، عضو المجلس الإسلامي الأعلى.