تواصلت في فندق مونوتيل، حتى وقت متخر من مساء اليوم الندوة التي نظمتها الرابطة الموريتانية لدولة القانون، وشارك فيها العديد من فقهاء القانون الدستوري ووزراء العدل السابقين.
وقد أجمع المتدخلون في الندون على ضرورة إعادة صياغة الدستور الموريتاني ورفع اللبس الحاصل في عدد من مواده، بسبب الترجمة وغموم البعض الآخر، مما جعله قابل للتأويل، رغم أن المواد مثار الجدل واضحة ولاتمنع رئيس الجمهورية من اللجوء إلى الشعب وقتما أراد ذلك.
من ضمن المتدخلين في الندوة الخبير الدستوري فضيلي ولد الرايسالذي قال إن أي مادة للقانون لايمكن فهمها أو تأويلها إلا فى السياق القانونى للنص، وبالتالى لايمكن فهم القانون وخصوصا المادة (38 من الدستور) قبل الرجوع إلى المادة (2 من الدستور)، التى تنص على أن الشعب هو صاحب السيادة.
وأعتبر ولد الرايس أن الشعب يمكنه أن يتصرف عبر ممثليه فى البرلمان، ويمكنه أن يتدخل بشكل مباشر للإدلاء برأيه فى أي قضية، جزئية كانت أو عامة.
وأعتبر ولد الرايس أن للرئيس الحق فى العمل بالمادة 38 من الدستور، وطرح أي قضية للاستفتاء، وليس من حق أي جهة التدخل لمنعه من القيام بالمهمة الممنوحة له بحكم القانون.
وهو نفس الرأي الذي عبر عنه سابقا، مبديا استعداده الدائم لمناظرة الطرف الآخر القائل بعدم شرعية اللجوء إلى الشعب.
أما أستاذ القانون الدستوري محمد سيديا ولد خباز فقد ذهب إلى تأصيل مداخلة القاضي ولد الرايس، مؤكدا أن القانون لا يمنع رئيس الجمهورية من اللجوء إلى الشعب واستفتائه، وهو ما تؤكده المادة 38 من الدستور، لأنها مادة مستقلة وغير مقيدة.
وتحدث ولد خباز عن تأخر تجربة اللامركزية في موريتانيا، الأمر الذي يستوجب خلق مجالس جهوية تمكن المواطن من إدارة شؤونه بنفسه.
وعن حل مجلس الشيوخ اعبر استاذ القانون الدستوري أن المجلس في الديمقراطيات الأوروبية يمثل الجانب الاتحادي في الدول الفدرالية، أما في تجربتنا فإنه يشكل عبء على الموازنة، كما أنه تكرار للغرفة الثانية شكلا ومضمونا,
وختم مداخلته بالقول إن التعديلات آلية قانونية تمت تجربتها في العديد من بلدان العالم.
وكان ديدي ولد بونعامة الرئيس السابق للمجلس الدستوري قد افتتح الندوة بالقول إن لرئيس الجمهورية الحق في أن يستفتي الشعب في أي وقت لتعديل الدستور، مبرزا أن المشرع الموريتاني وهو يضع دستور 91 لم يشأ إحداث فراغ متعمد ولم يذهل سهوا عن تغطيته، وإنما ركن في وضعه إلى إمكانية استخلاص إرادته المفترضة من دلالة اقتضاء النص.
وأضاف أن المشرع رأى في هذا الإطار أن إرادته المفترضة تقتضي بدلالة الاقتضاء، إذا استحالت رخصة العرض على البرلمان، أن يتجه مباشرة إلى المادة 38 ذات الأصل وذات الفضاء المركب الموسع، حول الاستفتاء مباشرة بضوابطه المقررة، فليس من المستساغ عند ذوي الاختصاص أن تستحيل الرخصة ولا يرجع إلى الأصل.
وخلص المتدخلون الذين كان من ضمنهم خبراء وأساتذة وقضاة، ووزراء عدل سابقين، إلى ضرورة تجنيب البلاد من المهاترات السياسية ومحاولة إخضاع القانون لأهواء سياسية، لأن النصوص واضحة، حتى وإن شابها عدم مطابقة الترجمة في بعض النصوص من الفرنسية إلى العربية، وأكدوا أن لا حائل يمنع رئيس الجمهورية من اللجوء إلى الشعب لحسم قضية وطنية وقتما وأينما شاء.