سئل أحد حكماء المجتمع الموريتاني، وقد مد الله في عمره.."لقد عرفت سيدي أيام حكم المختار ولد داداه، وكان اسمه الرسمي سيدي ولد الشيخ عبد الله، فكيف أضيفت إليه محمد؟" أطرق الحكيم برهة ثم رد متهكما.."ربما لأن محمد هو من جاء به..."
نعم جاء محمد بسيدي من النيجر حيث كان يقيم مستشارا ثانويا لرئيسها فصنع له مستقبلا سياسيا ربما لم يطمح إليه يوما... أوصله إلى الرئاسة بشق الأنفس، لكنه ما إن جلس على الكرسي حتى بدا أنه أكبر منه بكثير، وشعر هو نفسه بذلك فانقلب على الذين صنعوا له عرشا على غير مقاسه.. أتاه الموسوسون عن اليمين وعن الشمال يزينون له الانقلاب على حماته لينفرد به أعداؤه فوقع في الفخ، وهاهم اليوم يجرجرونه إلى فخ جديد بعد سنوات من التحنث، والصوم عن الكلام في الشأن العام لوطن لم يشتهر يوما بالاهتمام بشؤونه... لقد سافر سيدي إلى الخارج فور الإفراج عنه بعد انقلاب 78، فظل يهتم بشؤونه الخاصة إلى أن استدعي للوزارة ليخرج منها إلى الإقامة الجبرية في وادان إثر فضيحة ملهى مدريد التي كان ثالث ثلاثة من "أبطالها"... ثم حمل عصى الترحال من جديد بعد الإفراج عنه مديرا ظهره للوطن...
هذا الترحال بين السلطة والمنفى والسجن أظهر أن الرئيس السابق غير قادر على لعب الأدوار الأولى وإنما هنالك دائما من يدير دفته لاستغلاله في تحقيق أغراض خاصة، وإخراجه اليوم عن صمته الذي لاذ به بعد استقالته، يمثل حلقة جديدة في التلاعب بالرجل الطيب قصد الإضرار بالوطن. فاستغلال اسمه في مناهضة الإصلاحات الدستورية لا يضيف رصيدا إلى الذين اقتحموا على الناسك خلوته وإنما يبدد ما بقي له من رصيد لدى مواطنيه بصفته رئيسا سابقا اجتهد فأخطأ وقيض الله للوطن من أقال عثرته.
إن الذين يحبون الرئيس السابق هم أولئك الذين ينصحونه بالإعراض عن لغو الحديث بعد أن نذر للرحمن صوما، وأن لا يقبل أن يزج به بين رئيسين سابقين لا يذكر الموريتانيون أحدهما إلا بالدماء والدموع وارتبط اسم الثاني بالفساد فهل يليق بالشيخ سيدي أن يصلب بينهما!!!
ستمر الإصلاحات الدستورية بإذن الله، تأسيسا للجمهورية الثالثة.. عندها سيرد محترفو الغواية على الشيخ سيدي صلاته وصيامه، ولعل العناية تتداركه فيتمثل بقوله تعالى... رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ...
سيدي محمد بوجرانه