عقد شيوخ الأغلبية الحاكمة في موريتانيا، اليوم الاثنين، اجتماعاً وصفته مصادر بـ"العاصف"، إذ خُصص لمناقشة الهجوم الذي تعرض له المجلس من طرف بعض شيوخ الأغلبية المؤيدين للتعديلات الدستورية.
وكان مجلس الشيوخ، الغرفة العليا في البرلمان الموريتاني، قد صوت مساء الجمعة الماضي على رفض تعديلات دستورية اقترحها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بناء على مخرجات حوار وطني قاطعته المعارضة التقليدية نهاية العام الماضي.
وأثار إسقاط مجلس الشيوخ لهذه التعديلات الدستورية الكثير من الجدل في الساحة السياسية، خاصة في أوساط الأغلبية الحاكمة، التي اعتبر بعض الناشطين في صفوفها أن ما قام به شيوخ الأغلبية الحاكمة يصل إلى درجة "الخيانة".
وفي إطار تداعيات رفض مجلس الشيوخ للتعديلات الدستورية، أدلى بعض شيوخ الأغلبية بتصريحات صحفية هاجموا فيها زملاءهم الشيوخ الذين صوتوا بـ"لا" على التعديلات الدستورية، واتهموا المجلس بـ"خيانة" توجهات نظام الحكم الذي ينتمون لأغلبيته الرئاسية، وهي التصريحات التي أثارت غضب الشيوخ.
في غضون ذلك دعا رئيس مجلس الشيوخ محمد الحسن ولد الحاج، اليوم الاثنين، لاجتماع في مباني المجلس حضره حوالي أربعين من أعضاء الشيوخ المنخرطين في صفوف الأغلبية الحاكمة، وهو الاجتماع الأول من نوعه منذ جلسة مساء الجمعة التي رفض المجلس فيها التعديلات الدستورية.
وخصص الاجتماع لمناقشة التصريحات التي أدلى بها شيخ مقاطعة المجرية محمد الأمين ولد عبد الجليل (الحزب الحاكم)، وشيخ مقاطعة الطينطان شيبة ولد ناتو ولد خوياتي (الحزب الحاكم).
وكان الشيخان يدعمان التعديلات الدستورية، وقد وجها انتقادات لاذعة لمجلس الشيوخ بعد تصويته برفض التعديلات، في برامج حوارية بثتها قنوات تلفزيونية محلية.
خلال الاجتماع أعلن عدد من أعضاء مجلس الشيوخ عن مطالبتهم برفع الحصانة عن الشيخين المذكورين، كما هددوا بمساءلة شيخ المجرية حول ملفات تسيير المجلس التي يتولاها.
من جهة أخرى طالبهما بعض الشيوخ بالاعتذار العلني عن تصريحاتهما، وأن يكون هذا الاعتذار عبر نفس القنوات التي سبق أن انتقدوا فيها المجلس.
وبتدخل من رئيس المجلس محمد الحسن ولد الحاج تم الاتفاق على اعتذار الشيخين أمام زملاءهم الشيوخ خلال الاجتماع، وهو ما تم بالفعل، بالإضافة إلى تقديم اعتذار عبر وسائل الإعلام التي سبق أن تحدثوا لها، مقابل التراجع عن رفع الحصانة وعدم المساءلة.
خلال الاجتماع أكد الشيوخ أنهم لن يقبلوا أبداً مهاجمتهم من طرف زملائهم مهما كانت درجة تباين وجهات النظر، معلنين أنهم لن يتساهلوا مع أي انتقادات أو اتهامات تصدر من عضو في المجلس.
كما اتفق الشيوخ على أنهم سيتخذون التدابير اللازمة ضد "الجهات الأخرى" التي تهاجمهم، من دون الإشارة إلى طبيعة هذه الإجراءات ولا الجهات المعنية.
وسبق لمجلس الشيوخ أن دخل في مواجهة حادة مع الحكومة العام الماضي، على خلفية تصريحات هاجم فيها وزراء مجلس الشيوخ ووصفوه بأنه "عديم الجدوى" وأنه يعيق العمل التشريعي في البلاد.