انتقد الوزير السابق اسلمو ولد سيدي المصطف، تلك الاراء التي هاجمت مجلس الشيوخ، بعد تصويته برفض التعديلات الدستورية.
وقال ولد سيدي المصطف في مقال له، انه "لا ينبغي أن نواجه ما حصل في مجلس الشيوخ الموقر، بالعبارات النابية، و الاقتراحات العقابية، و التخوين، و الارتشاء و نحو ذلك. فالتاريخ السياسي لهيئة الشيوخ، في أعرق الدول ديمقراطية، يشهد لها بالتميز و التوقير و الاحترام. و التاريخ السياسي و الثقافي الإسلامي يعتبر هيئة الشيوخ، هي أقرب هيئة - من حيث الشكل و التنظيم- لمنظومة "أهل الحل و العقد" التي قصر العلماء عليها صلاحية التصرف في الشأن العام".
وهذا نص مقال الفقيه والوزير السابق اسلمو ولد سيدي المصطف:
لا يختلف اثنان في أن الوضع السياسي و الأمني، في المنطقة التي ننتمي إليها وضع حرج. و نحن و إن كنا نعد أنفسنا، من أحسنهم و ضعا، و أكثرهم – في تصور الكثير منا- أمنا. لكننا من أشدهم هشاشة قطعا، و أكثرهم قابلية – إن لم يكن للتطاير و الانشطار- فللاضطراب و الهرج و المرج. و المعول عليه في ذلك كله، هو عناية الله سبحانه و تعالى و رحمته ،و لطفه بعباده المؤمنين.
الوضع السياسي عندنا، و المتاح له من الزمن، لا يسمحان –في رأيي- بترك الحبل على الغارب، لفئة الصقور التي يتحكم بعضها في الشأن السياسي، و بعضها في التوجيه الإعلامي.
لا ينبغي أن نواجه ما حصل في مجلس الشيوخ الموقر، بالعبارات النابية، و الاقتراحات العقابية، و التخوين، و الارتشاء و نحو ذلك. فالتاريخ السياسي لهيئة الشيوخ، في أعرق الدول ديمقراطية، يشهد لها بالتميز و التوقير و الاحترام. و التاريخ السياسي و الثقافي الإسلامي يعتبر هيئة الشيوخ، هي أقرب هيئة - من حيث الشكل و التنظيم- لمنظومة "أهل الحل و العقد" التي قصر العلماء عليها صلاحية التصرف في الشأن العام.
فممثلو ثلاث و ثلاثين مقاطعة من هيئة لا تزال دستورية، رئيسها ينوب عن رئيس الجمهورية، يجب أن يعاملوا برفق و لطف، حتى تُحسن قِتلتُهم، و يرحموا في ذَبحهم – إذا كان ذلك لا بد منه- امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح.
و يحسن التذكير هنا- و الذكرى تنفع المؤمنين- بأن النبي صلى الله عليه و سلم، و هو نبي الرحمة، الموصوف بأنه (( بالمؤمنين رءوف رحيم)) أخبره ربه سبحانه و تعالى، على وجه التوجيه و الإرشاد، بقوله (( و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)) إلى قوله تعالى: (( و شاورهم في الأمر)).
و قد ثبت عنه عليه الصلاة و السلام في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، الذي أخرجه البخاري، قوله: ( ما بعث الله من نبي، و لا استخلف من خليفة، إلا كانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف، و تحضه عليه، و بطانة تأمره بالشر و تحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله) و قريب من هذا المعنى قول عائشة رضي الله عنها عند أبي داود أنه عليه الصلاة و السلام قال: ( إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق، إن نسي ذكّره، و إن ذكَر أعانه، و إذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، و إن ذكر لم يعنه.) و لا يبعد من هذا المعنى قوله تعالى: (( يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يالونكم خبالا ودوا ما عندتم قد بدت البغضاء من أفواههم و ما تخفي صدورهم أكبر)). فما الذي يريده الصقور؟! و أين يذهبون....؟!
و الله ولي التوفيق و هو الهادي إلى سواء الطريق.