«عصير المدير».. وجبة متكاملة من النصائح والأفكار النوعية لعشاق النجاح والإبداع

خميس, 01/19/2017 - 20:52

الكتاب يحتوي على 60 فكرة جاءت في هيئة مقالات صغيرة الحجم سلسة الطرح

أحمد صابر

«إلى كل مدير وقائد يسمو بأهدافه لرفع كفاءته ونجاح منشآته، وإلى كل موظف يعمل بجد وتفان لتطوير ذاته وتنمية قدراته»، أهدى استاذ التنمية الإدارية والبشرية والإعلام التنموي د.عبدالأمير الهندال خلاصة خبراته وعصارة تجاربه العملية في الحياة، حيث لخصها في 60 فكرة مهمة لكل مدير أو صاحب مشروع صغير أو موظف وأي شخص يريد النجاح، وجمعها في كتاب أسماه «عصير المدير».

ويقدم الكتاب المكون من جزأين والذي يقع في 300 صفحة من القطع المتوسط، معلومات مفيدة ونصائح ثمينة ساقها المؤلف بحرفية كبيرة وأسلوب جذاب وطرح سلس على هيئة مقالات مختصرة، لتعد شاهدا على مواقف حياتية وتجارب شخصية مر بها المؤلف خلال مسيرة 28 عاما تقلد خلالها العديد من المناصب العلمية والإدارية، مقتحما موضوعات شائكة احيانا ومحرجة احيانا اخرى بجراءة، ليقتطف لنا افكارا نوعية ذات قيمة فكرية كبيرة.«MR. ORANGE JUICE» كان هذا هو اللقب الذي اطلقه اليابانيون على المؤلف د.عبدالأمير الهندال خلال زياراته المتعددة لبلادهم، نظرا لان شرابه المفضل هو عصير البرتقال، وكان هذا هو السبب الذي دفع الهندال لتسمية الكتاب بـ «عصير المدير».
عالم الأسرار

يستهل المؤلف الجزء الاول من الكتاب بمقال عنونه بـ «من لا يفشي الأسرار»، موضحا ان من الأمور المهمة التي يجب على الجميع التحلي بها هي المحافظة على أسرار العمل، لافتا إلى ان الفرد كلما ارتفع مستواه الإداري دعته الضرورة إلى الحفاظ على سرية ما لديه من أسرار وخطط مستقبلية، محذرا في ذلك الخصوص من ثلاث وظائف بحكم قربهم من مصادر صنع القرار وهم «المدير المتذمر» و«السكرتيرة الثرثارة» و«عامل الشاي»، مؤكدا ان لأماكن العمل أسرارها وحرمتها التي لا تقل عن حرمة البيوت.

وفي «اخر ايام المستحيل» يتناول الهندال فكرته الثانية، معلنا ان في صباح كل يوم جديد يتجدد لدى الإنسان الامل بتحقيق الطموح والثقة بالنفس، مبينا ان هذه الصفة متى ما زرعت في ذات الشخص صنع المستحيل، لان الثقة هي الوجه الاخر للتفاؤل والنجاح، داعيا إلى الغاء كلمتي «المستحيل» و«الفشل» من قاموس الحياة، ففي ذلك صلاح للذات «فمن أصلح نفسه ملكها ومن أهملها أهلكها».وتحت عنوان «اذكروني» يلخص المؤلف مشهد اختفاء المسؤولين سواء بالاستقالة أو العزل أو التقاعد، متسائلا: هل شعرنا بأوضاع هؤلاء؟، وهل تختلف الحياة قبل واثناء وبعد المنصب؟، مشيرا إلى ان هناك من يكون «حمل وديع» قبل تولي القيادة ليتحول بعدها لوحش كاسر يعتريه الغرور وينسى مبادئه ويستبيح كل شيء من اجل الوصول إلى مبتغاه، مستعرضا الحياة بعد التقاعد ومدى اختلافها بحسب سلوكيات ونشاط وعزيمة واصرار الأشخاص، مشددا على ضرورة شغل الأوقات فيما يعود بالفائدة على المجتمع «فأفضل الناس انفعهم للناس».

الإحباط والنجاح

وفيما يشبه التغريد خارج السرب، يناقش الكاتب فكرة مختلفة كليا مفادها ان «الإحباط طريق إلى النجاح»، شارحا لدراسة اجراها على 225 موظفا في احدى الإدارات الكبرى اكدت ان السبب الرئيسي للإحباط لدى العاملين هو الاسلوب الديكتاتوري والذي لا يحترم مشاعر الموظفين أو كرامتهم، داعيا إلى جعل الإحباط طريقا إلى النجاح، مناشدا المديرين قليلا من الدافعية والكرم المعنوي للعاملين لان ذلك سيصب في مصلحة العمل.

«لا يوجد شخص ايا كان رئيسا أو مرؤوسا يحمل صفة العصمة أو الكمال فاذا كنا متفقين على ذلك فأين الاشكال إذن»، هكذا يتساءل المؤلف عن مدى توافر الشجاعة الادبية للاعتذار عن ارتكاب الاخطاء، ناصحا المديرين والموظفين «اقبل أعذار الناس تستمتع بإخائهم وألقهم بالبشر تمنع أضغانهم»، مطالبا اياهم بالبحث في الانصاف في العمل من مختلف الجوانب مثل توزيع الاعباء والرواتب والمناصب والاختصاصات وغير ذلك، ثم يعرج على الحب والكراهية والانحياز للجنس الآخر ومدى تأثيره في ظروف العمل، مؤكدا ان الكثير من المسؤولين ينحازون للجنس الناعم اكثر ويعطونهن الحظوة الكبرى في الترقيات والمكافآت وغيرهما وكذلك هناك التحيز للجنسية، مطالبا بأن يكون المعيار هو العمل والأداء والجودة والأخلاق، وعدم اطلاق العنان للعواطف والأهواء في الحكم على الموظفين، معددا 3 فؤائد لكثرة عدد الجنسيات في الشركة الواحدة، ومنها السيطرة على التكتلات والاضطرابات والتحسب للظروف الطارئة والتحدي والمنافسة وترسيخ مبدأ «البقاء للأفضل». ويختتم الهندال الجزء الاول من «عصير المدير» بمقال «التعامل مع الأفراد والجماد» لخصه في فكرة مهمة قوامها ان ثمة اختلافا بين من يتعامل مع البشر والافراد أو المواد والجماد، مشيرا إلى وجود اختلاف كبير بين النوعين، ومدى حاجة كل منهما إلى بعض الفنون والمهارات المعينة،.

الإدارة بالأهداف

يبدأ المؤلف الجزء الثاني من الكتاب بمقال «حاجتنا للإدارة بالأهداف» يتحدث فيه عن ضرورة توجيه العاملين والموظفين في الشركات والمؤسسات إلى الهدف العام للمنشأة بدءا من الإدارة العليا وحتى أصغر مشرف، وكلما كانت الرؤية واضحة منعت الغيرة والعصبية بين شاغلي الوظائف في المؤسسة الواحدة.وفي موضع آخر يتناول «الغباء الاجتماعي» وحوادث الاعتداء على المديرين بالسب أو الضرب، موضحا ان العلاقة بين الرئيس والمرؤوس طبيعة إنسانية متغيرة تتأثر بالحالة النفسية، مشددا على ان ضغوط العمل ليست مبررا لاحد من المديرين أو الموظفين بإهدار كرامة الآخرين بأي وسيلة.

ويبتعد الهندال قليلا عن حدود الشركات والمؤسسات ليحلق في سماء التنمية الشاملة والخطط الخمسية بالدولة، مشيرا إلى ان الكثير منها ظلت حبيسة الادراج، ولم تنفذ على ارض الواقع، مستعرضا تاريخ خطط التنمية منذ عام 1976 حتى 2005، مبينا ان الكويت من أولى الدول المصدرة للبترول والخطط والمخططين، كما انها زاخرة بالطاقات الشبابية الواعدة في مختلف المجالات والتي يجب ان تستغل في نهضة وتنمية البلاد.

فن الاختصار

«فن الاختصار يحتاج منك إلى اتخاذ اساليب معينة وطرق محددة لتفوز بحصيلة لا بأس بها من الدقائق والساعات المهدورة التي تستهلك اثناء العمل دون الاحساس بها»، هكذا يلقي الكاتب الضوء على ضرورة تنظيم قائمة الاعمال التي يجب على الإنسان القيام بها، وايضا اختصار بعض المكالمات واتخاذ مبدأ المبادرة في الحديث وليس الاستماع فقط، واختصار الاجتماعات، مشددا على عدم المساس بأوقات الراحة تحت أي ظروف لانها ضرورية لإعادة الحيوية إلى الذهن والجسم معا «فبقليل من الاختصار نجني كثيرا من الثمار».

ويستشرف الهندال آفاق المستقبل في مقاله «معاملات بلا أوراق وبشر»، متسائلا ماذا سيحدث لو ان 95% من العملاء سيتسوقون ويشترون من خلال الانترنت عام 2020؟ وماذا سيحصل لو أن جميع المعاملات الحكومة تتم الكترونيا ؟ مطالبا الأفراد والشركات والحكومات بوضع برنامج زمني عملي لما يتوجب القيام به خلال السنوات المقبلة، وإلا سنرى أنفسنا خارج دائرة المنافسة والوجود الفعلي على خارطة الأعمال الخدماتية والتجارية والدولية، ويختتم «عصير المدير» بإلقاء نظرة تاريخية على علم الإدارة، والذي يتجاوزه عمره 180 عاما، مستعرضا بعض النظريات الإدارية الشهيرة مثل نظريات البيروقراطية، والإدارة التعليمية، والإدارة العليا، والعلاقات الإنسانية، والإدارة العامة، والقيادة، واتخاذ القرارات وغيرها، مشددا على ضرورة تجاوز التشاؤم والخلافات والتغير إلى الأفضل «فإما نتغير أو يتم تغييرنا».ونستطيع القول ان «عصير المدير» عمل نوعي واضافة ثرية للمكتبة العربية، مما جعله ينال اعجاب الكثير من المهتمين بالشأن الإداري على كل المستويات، كما كان الاكثر مبيعا لدى دار الفراشة في معرض الكويت الدولي الـ 41 للكتاب والعديد من المعارض الخليجية والعربية.

هدم الأهرامات

وفي مقاله الـ 56 وتحت عنوان «هدم الأهرامات» يسافر الهندال إلى جمهورية مصر العربية في جولة حول الأهرامات الثلاث، تلك الصروح الشامخة في الصحراء، والتي تقف صامدة في وجه كل عوامل التعرية والاحوال الجوية السيئة منذ الاف السنين، مشبها إياها بالهياكل التنظيمية أو ما يسمى بـ «الهرم الوظيفي» في المؤسسات والشركات، لافتا إلى مخاطر تكبير وتوسيع ذلك الهرم بتعيين أعداد متزايدة من المديرين والعاملين، حيث تدعو الحاجة بعد ذلك إلى تحطيم ذلك الهرم وإعادة تشكيله ليتناسب مع حجم وامكانيات المؤسسة، مشيرا إلى خطورة الهدم الخاطئ والبدء في هدم القاعدة وهم صغار الموظفين والعمال وهم القرار الخاطئ الذي تقع فيه اغلب الشركات، موضحا «أن الأهرام الوظيفية الإدارية ليست ثابتة كأهرام الفراعنة القابعة في الجيزة ولكنها متغيرة ومتجددة ويمكن هدمها وإعادة بنائها لان مكوناتها بشرية ذات طبيعة إنسانية متحولة وليست صخورا واحجارا جامدة».

قالوا عن الكتاب

الكاتب والروائي عبدالوهاب الرفاعي

قرأت الكثير من كتب الإدارة وفنونها وأساسياتها، لكن هذا الكتاب تحديدا استوقفني بأسلوبه الجذاب والمعلومات الثرية التي صاغها المؤلف بسلاسة تدل على تعمقه في هذا المجال بعيدا عن الأعمال التجارية.

مدير أكاديمية التطوير المستمر د.ساجد العبدلي

«عصير المدير» كتاب خفيف لطيف تماما ككأس عصير طازج لذة للشاربين، لكني أحذرك عزيزي القارئ، من أن يخدعك العنوان، فعلى الرغم من أن الكاتب قصد أن يجعله على هيئة مقالات مختصرة الحجم سلسة العبارة، إلا أنه أجاد في ذات الوقت، فحقنها بجرعة ذكية مركزة من المعلومات والأفكار المتميزة.

مدير عام شركة عيسى حسين اليوسفي وأولاده محمد اليوسفي

يقدم لنا د.عبدالأمير الهندال عبر «عصير المدير» وجبة متكاملة تشرح للقارئ مختلف الظروف والمعضلات التي قد تواجهه في حياته العملية، وهي مواضيع يتحرج أغلب الكتاب من تناولها، بينما يخوضها المؤلف بشجاعة قل نظيرها.

مؤسس شركة عطورات أمل الكويت مكي القلاف

الكتاب وجبة غذائية متكاملة غنية بالفيتامينات، ونظرا لكوني تاجرا ومؤسسا لمشروع ومصنع العطور استفدت من الـ 60 فكرة التي طرحها المؤلف في جزءي الكتاب وقمت بتدوين بعضها وعزمت على تنفيذها والبدء بتطبيقها.